حوارات

نعمون جابر (محلل رياضي): “التحليل الرياضي بحر واسع يتطلب دراسة معمقة”

أجرت جريدة بولا حوارا مع المحل الرياضي نعمون جابر. هذا الأخير تحدث عن بداياته في عالم كرة القدم، وتجربته كمدرب، وكيف انتقل لمجال التحليل الرياضي. كما أعطى نعمون جابر نصائح قيمة لمن يريد دخول مجال التحليل.

بداية، كيف كانت بدايتك في عالم كرة القدم؟

 “السلام عليكم. بالنسبة لبداياتي في عالم المستديرة، فتعود للصغر وبالتحديد لسن العاشرة، حيث تكونت في مدرسة هلال شلغوم العيد. المرحوم كرمالي هو من اكتشفني وقام بترقيتي لفئة الأكابر في نادي شلغوم العبد. كنت أصغر لاعب (16سنة) عندما أمضيت في بطولة القسم الوطني الثاني مع شباب قسنطينة. ومن هنا بدأت مسيرتي في كرة القدم، وبدأ الجمهور الرياضي القسنطيني يعرفني. لعبت لمدة سنة في شباب قسنطينة، ليتم استدعائي ضمن صفوف المنتخب الوطني أمال، ومن هنا بدأت أتنقل من فريق لآخر، حيث لعبت مع فريق شباب بلوزداد لمدة ثلاثة سنوات. بعدها تنقلت لوفاق سطيف، أين خضت تجربة قصيرة. وبعدها أمضيت مع جمعية الخروب عندما كان ينشط في القسم الوطني الأول. أتذكر بأنني أنهيت البطولة في المرتبة الثانية في ترتيب الهدافين. بعدها تنقلت لإتحاد عنابة لمدة سنتين، لأتنقل لمولودية العلمة، التي كانت تنشط آنذاك في بطولة القسم الوطني الأول. وبعدها لشباب باتنةً الذي كان ينشط في بطولة القسم الوطني الأول. لقد لعبت تقريبا لمدة 10 سنوات في القسم الوطني الأول. وفي سنة 2017 قررت وضع حد لمسيرتي الكروية بسبب الإصابة.”

وماذا عن مسيرتك التدريبية؟

 “بعد توقفي عن ممارسة كرة القدم، نجحت في امتحان في وزارة الشباب والرياضة. الحمد لله، فأنا إطار تابع لوزارة الشباب والرياضة. فعندما كنت لاعبا، كنت أزوال دراستي بشكل عادي. بعدها دخلت للمعهد العالي لتكوين إطارات الرياضة. لقد تلقيت تكوين له لمدة خمسة سنوات كمدرب، ومن هنا بدأت مسيرتي في عالم التدريب. لقد شغلت منصب مدير رياضي لأكاديمية “سكاي سبور” في بومرداس والعاصمة. لقد كنت من أصغر المدربين الذين اقتحموا عالم التدريب. كما شغلت منصب كمساعدً مدرب نادي هلال شلغوم العيد، قبل أن أشغل منصب المدرب الرئيسي للفريق. إلا أن مسيرتي كمدرب لم تدم طويلا، حيث قررت إقتحام عالم التحليل الرياضي.”

ما هي العوامل التي حفزتك للحصول على شهادة التدريب؟

 “فيما يخص دراستي في مجال التدريب، فأنا أمتلك صفة لاعب سابق، حيث سبق لي و أن لعبت في بطولة القسم الأول و الثاني. كما أنني أمتلك شهادة تدريب للدرجة الثالثة، وهي الشهادة التي تعتبر الأعلى عند وزارة الشباب والرياضة، في تخصص كرة القدم. كما أنني أمتلك شهادة مربي رئيسي للأنشطة الرياضية والبدنية لاختصاص كرة القدم. أمتلك أيضا شهادة تدريب من المعهد الألماني “قوفل”. أيضا، أنا متحصل على على شهادة تدريب من معهد إنجليزي. فكل هذه العوامل جعلتني أدخل مجال التدريب، وهي ليست هواية بل عمل محترف ولازلت أتكون لحد الساعة.”

كيف تنقلت للتحليل الرياضي؟

 “بالنسبة للتحليل الرياضي، كنت أصغر محلل جزائري في كل الأوقات. فلقد بدأت التحليل في القنوات الخاصة. أتذكر بأنني باشرت مسيرتي في مجال التحليل في قناة النهار قبل ستة سنوات، حيث كنت أبلغ من العمر 29 سنة. في حين أن بداياتي الحقيقية في التحليل كانت في قناة الشروق نيوز أين كنت أبلغ 31 سنة. حاليا، أنا اشغل منصب محلل في التلفزيون العمومي. لا أقول لكم أنني درست التحليل الرياضي، لكن خبرتي كلاعب وكمدرب وتكويني في إنجلترا وفي ألمانيا ودراستي في الجامعة الجزائرية ساعدتني كثيرا. حاليا أصبحت أدرس تخصص التحليل الرياضي، من خلال حضور دورات تكوينية، وأبحث وأطالع جميع الكتب الخاصة بهذا المجال. كما أنني أسافر من أجل حضور الدورات التكوينية للتحليل الرياضي، والتحليل الخاص بالفيديو.”

ما الفرق بين التدريب والتحليل الرياضي؟

 “التحليل في التلفاز، يجب أن تكون أنت والصحافي المؤثرين الوحيدين، على أن يكون البرنامج إما ناجحا أم لا. في حين، تتدخل عدة عوامل في مجال التدريب كالميدان، الجمهور، الحكام، اللاعبين. فالمدرب يتمنى بأن تطبق أفكاره في الميدان. هل الخصم صعب أو العكس، بمعنى أن الدرب لا يتحكم بمفرده في النتيجة النهائية للمباراة. لهذا نجد مدربين كبار محترفين لم ينجحوا في مسيرتهم التدريبية.  يمكن أن تقوم بتحضير عمل علمي تقني تحكيمي، وبسبب الحكم على سبيل المثال تتغير النتيجة النهائية للمباراة. لكن في مجال التحليل، فأنت هو المؤثر الوحيد، وأنت من تقرر أن تنجح أنت والصحفي أو العكس. هذا هو الفرق وبطبيعة الحال فإن العمل في الميدان أصعب من التحليل.”

تكلم لنا عن تجربتكً الأولى في مجال التحليل الرياضي؟

 “أول تجربة لي في التحليل كانت في قناة “الشروق نيوز” أين حللت مباراة نهائي كأس الجمهورية بين شباب بلوزداد و شبيبة بجاية.  الحمد لم أشعر بأي ضغط أو خوف لأنه كنت مررت كضيف في قناة النهار ولم أكن أخاف من الكاميرا، خصوصا وأنني كنت أمر كلاعب في القنوات التلفزيونية. الحمد لله، لقد كانت تجربة ناجحة، ومن هنا بدأت الاتصالات، لأني كنت أتكلم بلغة سليمة وبدون خلفيات. أتكلم فقط على كرة القدم والحمد لله مرت على تلك التجربة ست سنوات.”

من خلال تجاربك، ما هو دور المحلل تحديدا؟

 ” المحلل مهمته دراسة الخصم من كل النواحي. وهذه المهام أصبحت مهمة جدا في الأطقم الفنية، خاصة في كرة القدم الحديثة. فتحليل الأداء يمنحك نقاط الضعف ونقاط القوة الخصم، بالإضافة لنقاط القوة ونقاط الضعف الخاصة بفريقك، ومن خلالها تستطيع قراءة البيانات كالقوة وسرعة اللاعبين. تحليل الأداء سيجهز فريقك من الناحية التكتيكية حتى يكون جاهز لمواجهة الخصم. كما أن محلل الأداء أصبح مهم عند المدرب، لكن بشرط حسن قراءة تلك البيانات.”

هل الأرقام في كرة القدم كافية من أجل الحكم على أداء الفريق؟

 ” طبعا لا تكفي. مثلا دراسة فريق يستطيع الهجوم في الجهة اليمنى أكثر من الجهة اليسرى. وأنت تعمل على غلق المساحات اليمنى لكن تستطيع أن تكون قراءتك خاطئة وهو لديه نقطة قوة في العمق. لهذا قراءات البيانات لا تكفي وحدها، ويجب أن يكون محلل أداء بامتياز مثل جهاز ماسح الضوئي يمنحك النتائج. ففي كرة القدم هناك من يدرس البيانات ويطبقهم على الميدان. الهدف من قراءة البيانات هو صياغة الحصص التدريبية. مثلا إذا وجدت فريق يلعب على الكرات العالية، تبرمج حصة تدريبية ضد الكرات العالية.”

ما رأيك في أداء المنتخب الوطني في الشأن؟

 “بخصوص أداء المنتخب الوطني في الشان، و بكل صراحة بوقرة، لا يلام. فلقد سبق له وأن صرح بأنه ناخب وليس مكون. فمقارنة مع اللاعب الجزائري وإمكانياته، نستطيع القول بأن المستوى كان لابأس به. يجب الاعتراف بأننا متأخرين نوعا ما ما من الناحية التكتيكية على مستوى البطولة الوطنية.  على الرغم من هذا النقص، إلا أن اللاعبين استجابوا لطريقة لعب بوقرة، ولعبوا بخطة 4/3/3ضد ليبيا وبخطة 3/4/2/1 ضد إثيوبيا وخطة 5/3/2 في مباراة النيجر.”

ما رأيك فيما لقطة محيوص في نهائي بطولة الشان؟

 “بالنسبة لمحيوص، تلك هي الطريقة التي إعتاد بها تنفيد ضربات الترجيح. وبهذه الطريقة سجل أهداف كبيرة الشيء الذي لم يعلمه محيوص أنه في كرة القدم الحديثة، حراس المرمى أصبحوا يدرسون الخصوم. وهذا ما اعتدت أن أقوله. ففي القديم كانت تسمى ضربات الحظ، أي أن اللاعب يختار زاوية ويسدد الضربة. لكن الأمور تغيرت في وقتنا الحالي. الآن يجب على حارس المرمى دراسة المهاجمين، والأمر نفسه صحيح بالنسبة للاعب. حارس السنغال رأى كيفية تصويب محيوص لضربة الجزاء ضد ليبيا، وضد كوت ديفوار. لذا فإن دراسة الخصم، جعلت الحارس لا يسقط ويمسكها ومحيوص لم يكن متأقلم مع دراسة الخصم. لو كان على علم بدراسة الخصم لغير طريقته. قدر الله وما شاء فعل. تصرفه لم يكن قدر المسؤولية، لأن المنتخب كان سيتوج بالشان. هذا يعتبر درس له ونتمنى ألا يعيدها في المرة القادمة.”

بم تنصح من يريد دخول مجال التحليل؟

 “نصيحتي للشباب بمن يريد الالتحاق بهذا المجال سواء التحليل أو التدريب، ليس معناها تكون لاعب سابق حتى تصبح محللا أو لاعب سابق لتلتحق بالتدريب. فمن خلال تجربتي، صحيح أنني تعلمت أشياء كثيرة كلاعب، لكن ليس لها أي معنى مع الكرة الحديثة. فيجب التكوين والدراسة في الجامعات والمعاهد وقراءة الكتب والقيام بدورات تكوينية لأن كرة القدم الحديثة تتطور بشكل سريع.”

كلمة ختامية..

 “في الأخير أشكركم على هذا الحوار الشيق. وأرجو أن أكون قدمت إفادة لقراء يومية بولا الرياضية. بالتوفيق لكم ولنا، والسلام عليكم.”

حاورته: هشام وداد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى