تحقيقات وروبورتاجات

الجمهور الجزائري يزيّن البطولة العربية لألعاب القوى

بمجرد أن تعلن صافرة انطلاق أي تظاهرة رياضية على أرض الجزائر، يستفيق ذلك العشق الأصيل الذي يسكن قلوب الجزائريين تجاه الرياضة، بمختلف اختصاصاتها. وها هو الموعد العربي الكبير، المتمثل في البطولة العربية الثالثة والعشرين لألعاب القوى، التي تحتضنها مدينة وهران الساحلية، يؤكد من جديد أن الجمهور الجزائري يبقى الرقم الصعب الذي يصنع الحدث ويرتقي بالتظاهرة إلى مصاف المناسبات الدولية، بما يبثه من حماس وروح رياضية وأجواء مشحونة بالإيجابية والاحترام.

حضور معتبر صنع الأجواء

وعلى الرغم من أن الحضور الجماهيري لم يكن بالعدد الكبير جدًا، إلا أنه كان محترمًا ومميزًا بنوعيته وطريقة تعامله مع الحدث. فقد عجّت مدرجات ملعب ألعاب القوى بوهران بمحبي الرياضة من مختلف الفئات العمرية، حيث حضرت العائلات، الأطفال، الشباب، والكهول، نساءً ورجالًا، ليمنحوا البطولة طابعًا عائليًا دافئًا، ويصنعوا أجواءً تليق بمثل هذه المنافسات العربية. ولعلّ أكثر ما لفت انتباه المتتبعين، هو تنوع الحضور وتفاعلهم مع جميع الرياضيين دون استثناء، حيث لم تقتصر التشجيعات على الرياضيين الجزائريين فقط، بل امتدت لتشمل كافة الرياضيين العرب المشاركين في البطولة. لحظات جميلة ومؤثرة جسّدها الجمهور من خلال التصفيقات الجماعية، والهتافات المتواصلة، ورفع الأعلام الوطنية العربية، في مشهد وحدوي يندر أن يتكرر.

لوحات فنية من التشجيع الرفيع

رسم الجمهور الوهراني أجمل اللوحات الفنية من خلال التشجيع الحضاري، إذ كانت أصوات التصفيق تعلو مع كل محاولة رياضية، ومع كل رقم يُحسن، ومع كل تتويج يُعلَن، سواء كان لفائدة رياضي جزائري أو عربي. وعكست هذه الصورة أسمى معاني الروح الرياضية التي تؤمن بأن المنافسة لا تعني القطيعة، بل إنها جسرٌ للتقارب بين الشعوب. كذلك، لم تخلُ المدرجات من الهتافات الوطنية وأغاني التشجيع التي أضفت نكهة خاصة على الأجواء. كما انتشرت في جنبات الملعب لافتات الترحيب بالضيوف العرب، وعبارات الدعم للمنتخب الجزائري لألعاب القوى، وسط تفاعل إعلامي واسع.

شهادات حيّة من قلب المدرجات

في إطار تغطيتنا لهذا الحدث العربي البارز، كان لنا لقاء مع عدد من الجماهير الحاضرة التي أدلت بتصريحاتها حول الأجواء والتنظيم والمنافسة:

مناصرة من نوع خاص: “الرياضة ليست كرة القدم وحدها”

تقدمت السيدة، البالغة من العمر 75 سنة، إلى أحد المداخل الرئيسية للملعب مبكّرًا، وهي تحمل العلم الوطني فوق كتفيها، وعلّقت على الأجواء قائلة: “لقد كنت من متابعي الرياضة منذ شبابي، وأردت أن أكون حاضرة اليوم بين أبنائي وأحفادي في هذه البطولة العربية الجميلة. جئت لأثبت أن الرياضة ليست كرة القدم وحدها، بل هناك ألعاب رائعة تستحق التشجيع. كلما شاهدت عداءً جزائريًا أو عداءة ترتقي إلى منصة التتويج، أشعر بفخر كبير. التنظيم كان رائعًا، والجمهور راقٍ، وأشكر كل من ساهم في إنجاح هذه التظاهرة. أتمنى أن تستمر مثل هذه المناسبات الرياضية حتى يتعرف شبابنا على بقية الرياضات”.

محمد سباتي من الشلف:”الرياضة تجمع الشعوب ولا تعرف الحدود”

أما محمد سباتي، شاب في الثلاثينيات من عمره، قدم من ولاية الشلف خصيصًا لحضور البطولة، فعبّر عن فرحته بهذه الأجواء قائلاً: “كنت متشوقًا جدًا لحضور حدث رياضي بهذا الحجم، خاصة في ألعاب القوى التي أحبها منذ صغري. جئت إلى وهران لأعطي دعمًا للرياضيين وأتذوق أجواء بطولة عربية على أرض الجزائر. سررت كثيرًا بطريقة استقبال الجمهور للعدائين العرب، لقد شاهدت تصفيقًا حارًا لكل من اجتهد وحقق نتائج طيبة. الرياضة تجمع الشعوب، ولا تعرف الحدود، وقد كان الجمهور اليوم مثالًا في التحضر والاحترام. تمنيت لو كانت التظاهرة أطول من هذا، لأن الأجواء فعلاً كانت عائلية ودافئة، وأتمنى أن تنظم بلادنا مثل هذه البطولات دائمًا.”

دعاء زخاير: “أعشق الرياضة وسأصبح عداءة يومًا ما”

أما الطفلة دعاء زخاير، البالغة من العمر 11 سنة، والتي حضرت مع والدها، فقد عبرت عن سعادتها بالتواجد وسط أجواء التشجيع، وقالت بنبرة حماسية: “أنا سعيدة جدًا لأنني حضرت اليوم إلى هذا الملعب. أعشق الرياضة، خاصة سباقات الجري، وأتمنى أن أصبح عداءة يومًا ما. أكثر شيء أعجبني هو تصفيق الناس عندما يفوز الرياضيون، وأعجبتني الفتيات الجزائريات وهنّ يفزن بالميداليات. أشكر والدي لأنه اصطحبني اليوم، وسأحكي لصديقاتي في المدرسة عن هذا اليوم الرائع. أتمنى أن تقام مسابقات أخرى لألعاب القوى في وهران حتى نعود من جديد.”

طيب بوزيان: “أجواء مميزة جعلتنا نعيش لحظات جميلة”

أما الشاب طيب بوزيان من مدينة وهران، فقد أدلى بتصريح “لبولا”، عبّر فيه عن سعادته بهذا الحدث، قائلاً: “لقد كانت الأجواء اليوم استثنائية بكل المقاييس. لم أتوقع أن أجد هذا العدد من الناس متجمّعين من أجل ألعاب القوى. الحضور متنوع من أطفال، شيوخ، شباب، وعائلات. ما أسعدني أكثر هو أننا لم نكن نشجع الجزائريين فقط، بل كل العدائين العرب. لقد صفّقنا لكل الدول العربية. أعتقد أن هذا المشهد يُظهر صورة جميلة عن الشعب الجزائري المضياف والمتفتح. أتمنى أن تكون هذه البطولة رسالة سلام ومحبة بين الشعوب العربية، وأن تكرَّر هذه المناسبات في مختلف الولايات الجزائرية، لأن لها أثرًا إيجابيًا كبيرًا على المجتمع والشباب خاصة.”

تغطية: مصطفى خليفاوي / نبيل شيخي 

تصوير: عبد الكريم مكالي 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى