فوضى المناجرة في كرة القدم الجزائرية …مواهب ضائعة ولاعبون محدودي المستوى في الواجهة
يشهد عالم وكلاء لاعبي كرة القدم في الجزائر حالة من الفوضى التي أثرت بشكل كبير على مسار المواهب الشابة وصعودها في الساحة الرياضية. في ظل غياب الكفاءة الحقيقية لدى بعض الوكلاء، تعاني العديد من المواهب الكروية من التهميش، بينما يصعد إلى الأضواء لاعبون محدودو المستوى ينجحون في الوصول إلى أعلى المستويات، مما يثير تساؤلات جدية حول واقع “المناجرة” في البلاد. حيث أن عدد وكلاء اللاعبين وصل مؤخرا إلى حوالي 126 وكيل معتمد إلا أن الميدان لايعني هذا الرقم حيث ينشط عدد قليل منهم يعدون على أصابع اليد ليفتح المجال أمام أشباه المناجرة للقيادة .
مواهب ضائعة في الأقسام السفلى
يعتبر ضياع المواهب الشابة في الأقسام السفلى من أبرز الإشكاليات التي تواجه كرة القدم الجزائرية اليوم. تعجّ هذه الأقسام بنجوم حقيقيين، قادرين على تقديم مستويات عالية في الأندية الكبرى، إلا أنهم يفتقدون إلى وكلاء ذوي خبرة وكفاءة قادرين على مساعدتهم في إبراز مواهبهم والانتقال إلى مستويات أعلى. هذه الفجوة بين الكفاءات والفرص تمثل تحديًا كبيرًا، حيث نجد أن المواهب الحقيقية تظل حبيسة الأقسام السفلى، في وقت ينجح فيه لاعبون آخرون، ذوو مستوى متواضع، في توقيع عقود كبيرة بفضل وكلاء يعتمدون على العلاقات الشخصية أكثر من الكفاءة.
ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن العديد من اللاعبين الذين انتهت صلاحيتهم الرياضية يتمكنون من توقيع عقود بأموال طائلة، على الرغم من عدم قدرتهم على تقديم إضافة حقيقية لأنديتهم. في المقابل، نجد أن المواهب الصاعدة تبقى رهينة للأقسام السفلى، دون أي اهتمام أو متابعة من قبل الوكلاء أو الأندية. هذه المفارقة تعكس أزمة حقيقية في طريقة اختيار اللاعبين وتوجيههم نحو مسارهم الاحترافي. لا تقف المشكلة عند حدود اللاعبين فقط، بل تمتد لتشمل المدربين ووكلاء الأعمال. نجد أن بعض المدربين يتنقلون بين عدة فرق في موسم واحد، على الرغم من النتائج السلبية التي يحققونها، ما يعكس عدم الاحترافية في إدارة الأندية.
من جهة أخرى، يفتقد العديد من وكلاء الأعمال في الجزائر إلى المؤهلات اللازمة لإدارة مسيرة اللاعبين بشكل فعّال. هناك حاجة ماسة لتطوير مستوى هؤلاء الوكلاء ليتماشى مع التطورات الحاصلة في البنية التحتية للبطولات الجزائرية.
نحو إصلاح شامل لعالم المناجرة
عالم المناجرة في الجزائر بات بحاجة ماسة إلى هيكلة حقيقية تستند إلى أسس رياضية وأخلاقية. في الوقت الحالي، أصبح من السهل لأي شخص أن يعلن نفسه وكيل أعمال لاعبين دون أن يمتلك الخبرة أو المعرفة الكافية. هذه الفوضى تؤدي إلى ضياع الكثير من المواهب التي كانت قادرة على تحقيق نجاحات كبيرة، لكنها تجد نفسها محاصرة بسبب وكلاء يفتقدون إلى الرؤية الصحيحة لإدارة مسيرتهم.
الأقسام السفلى كنوز منسية تحتاج إلى إكتشاف
تعج الأقسام السفلى في الجزائر بمواهب كروية تستحق الدعم والمرافقة. هؤلاء اللاعبون يحتاجون إلى وكلاء قادرين على اكتشافهم وتوجيههم إلى الأندية الكبرى، وإلا فإنهم سيبقون عالقين في هذه الأقسام دون أن يتمكنوا من تحقيق طموحاتهم. في الوقت الذي نشهد فيه تطورًا كبيرًا في البنية التحتية الرياضية، لا بد من العمل على تحسين مستوى المناجرة لتتماشى مع هذه التطورات. منح الفرص للمواهب الشابة يمثل الحل الأمثل لعودة الأندية الجزائرية إلى الواجهة القارية. لقد حققت الأندية الجزائرية في الماضي نجاحات كبيرة بفضل قدرتها على اكتشاف المواهب من الأقسام السفلى، ونقلهم إلى مستويات أعلى. الأمثلة على ذلك عديدة، أبرزها اللاعبان الدوليان إسلام سليماني وبغداد بونجاح، اللذان انطلقا من مستويات أدنى ليصبحا نجوماً في الكرة الأفريقية.
إن عالم وكلاء اللاعبين في الجزائر بحاجة إلى إصلاح شامل، لضمان أن تكون المواهب الشابة جزءًا من عملية النهوض بكرة القدم الجزائرية، وحتى يتم تحقيق طموحات الجماهير الرياضية التي تطمح لرؤية لاعبين مميزين ومواهب حقيقية في أعلى المستويات.
زاكي بن سالة (وكيل أعمال اللاعبين):“على الإتحادية التدخل لتنظيم هذا المجال”
“أصبحت مهنة وكيل أعمال اللاعبين في الجزائر تعاني من فوضى كبيرة، حيث بات أي شخص يمارسها، مما أدى إلى تحول العديد منهم إلى أشباه وكلاء. هؤلاء الأشخاص يطالبون اللاعبين الشباب بمبالغ مالية كبيرة مقابل التوقيع لهم، وهذا يعتبر استغلالًا واضحًا لطموحاتهم. تجاوز الأمر ذلك، فبعض هؤلاء الوكلاء يذهبون إلى أولياء الأمور الأغنياء، مطالبين إياهم بدفع أموال ضخمة لضمان انضمام أبنائهم إلى فرق كبيرة. المشكلة تكمن أيضًا في أن بعض اللاعبين يصدقون هذه الأساليب ويعملون بها، مما يزيد من تعقيد الوضع. أناشد الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بترتيب الأمور، لأن الوضع خرج عن السيطرة. لدينا 126 وكيل أعمال معتمد، ولكن ينشط منهم فقط أربعة إلى ستة في كل موسم، بينما يتسبب الآخرون في خلط الأمور ويؤثرون سلبًا على مستقبل اللاعبين الشبان.”
نبيل شيخي