بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة .. عميد الصحافيين الرياضيين عجال هواري أكثر من نصف قرن “وفاء” للإعلام الرياضي
الحديث عن أبرز الأقلام الصحفية الوطنية في المجال الرياضي، يجرك للخوض في تجربة أحد أعمدتها إن لم نقل عميدها، عجال الهواري الذي تمر عليه 55 سنة في ممارسة معشوقته الكتابة. بداية من رائدة صحف الجهة الغربية الجمهورية في الستينيات قبل تعريبها، لينتقل لجريدة الهدف الرياضية، ويحط الرحال بعدها في يومية وهران (Quotidienne d’oran) التي لا يزال يشتغل فيها إلى غاية اليوم. فقرة نوستالجيا الخاصة بالبرنامج الرمضاني لجريدة بولا، ستعود اليوم وبإسهاب لمسيرة عمي “عجال” وذلك بمناسبة اليوم العالمي لحرية التعبير والصحافة، الذي يتزامن مع 3 ماي وفي ظروف استثنائية، يمر بها العالم بأسره، جراء جائحة كورونا. حيث سنعرج لأبرز محطات حياته في الحقل الإعلامي، إلى جانب أهم محطات مسيرته التي مر بها منذ بدايته مع القلم في الصحافة الرياضية التي كان له شرف فيها محاورة ألمع الوجوه الكروية العالمية على غرار ساحر “السامبا” والعالم، الجوهرة “بيلي”، على هامش مقابلة المنتخب الوطني وسانتوس البرازيلي في ملعب أحمد زبانة بوهران في حقبة الستينات.
إحباط البداية والإسرار على المواصلة والنجاح
انطلقت مسيرة عجال هواري الإعلامية سنة 1963 في أول لقاء قام بتغطيته جمع ترجي مستغانم وإتحاد سطيف بقيادة المرحوم كرمالي، لكن سرعان ما توقف بعد أن أحبطت معناوياته لعدم صدور مقالاته، ليعود في 1966 مع جريدة الجمهورية دائما. وقتها كانت تصدر باللغة الفرنسية، حيث قدمه رئيس تحريرها “روجي باقو” إلى المدير عبد الحق عثمان. البداية كانت كصحافي هاوي ملحق رياضي، لأنه فضل البقاء كموظف في قطاع البريد كساعي. وكان أول روبورتاج حضره شمل فريق جمعية المرسى العريق.
مسيرة حافلة مع الرفاق في “لاريبوبليك”
كما كانت تجربة عمي هواري عجال حافلة جدا و متميزة مع جريدة الجمهورية في ذلك الوقت، التي عرفت الجريدة بتحقيقاتها في شتى المجالات، ناهيك عن تغطيتها لمختلف الاحداث الرياضية، مع المدير “بشير زروق” الذي أعطى دفعة للمؤسسة، وحصل عميد الصحافيين الرياضيين على أول راتب الذي وصلت قيمته إلى 80 دينار و قام حينها بحفلة، بعدها تمت ترقيته كصحافي متعاون في 1968 و صحافي مرسم بتاريخ 12 جويلية 1972، أيام لا تمحى من ذاكرة عمي هواري في الجريدة الرائدة مع زملائه كعباس مجاجي، بصول، عبد القادر جمعي، فيصل حفاف حينها كانوا شاب في مقتبل العمر، و القائمة طويلة فمعذرة لكل الذين لم نذكرهم.
المحطة الثانية الهدف الرياضية
في عام 1978 وبعد تعريب جريدة الجمهورية، رغم أن عجال هوار كان يتلقى رواتبه من دون أن يشتغل، لكنه فضل رفقة رفيق دربه عباس مجاجي العمل، حيث انتقل الثنائي للوزارة وطرحا إنشغالهما فالتحقا بجريدة الهدف. هنا كانت البداية مع عهد جديد مع الصحافة الرياضية، وذلك بتغطيته لثلاثة كؤوس للأمم الإفريقية الأولى بليبيا 1982، الثانية بالمغرب سنة 1988 وثالثة 1990 بالعاصمة، دون نسيان سفرية اسبانيا 1981 أين حضر روبورتاج حول البلد الذي كان سيستضيف كأس العالم 1982، حينها تصادف مع أحسن مدربي العالم وقتها الأرجنتيني هيلينو هريرا المدرب السابق للبرصا وأنتير ميلان، فكان له شرف محاورته، شأنه شان الفرنسي سنيلا، أوتو غلوريا وغيرها من الأسماء البارزة. ناهيك عن تغطية نهائي الكأس القارية للأندية البطلة مع المولودية في المغرب ضد رجاء البيضاوي.
الصحافي المدرسة والموسوعة والمُنظر
وكان المعني من خلال خرجاته ومقابلاته الإعلامية، كثيرا ما ينطلق مقيما الحقل الإعلامي اليوم الذي يراه صار مشبعا بالصحف واليوميات إن لم نقل مكتظا، مؤكدا أن المقالات مقبولة نوع ما، لكن كثيرا ما كان يسجل العديد من النقائص. مثلا المقالات التحليلية للمباريات تكاد تنعدم وهذه الميزة تكتسب من خلال الاحتكاك بالمدربين وخبراء كرة القدم. من خلال مطالعة بعض الكتابات كثيرا ما يتأسف على بعض الأخطاء التقنية بقوله: “مرات العنوان يكون في المستوى والمحتوى فارغ والعكس صحيح”.
مبدأ العصامية في تكوين الصحافي
كما يؤمن عمي عجال هواري بالعصامية في التكوين الصحافي، فليس بضرورة أن يكون متخرجا من الجامعة أو المعهد في الإختصاص، لكن الميدان هو الذي يتعلم منه ويتم تصحيح أخطائه شيئا فشيئا. هذا ما يسمى التكوين الذاتي الذي يتطور بالبحث والاكتشاف، متأسفا على الجيل الحالي الذي لا توجد له أي حجة لتطوير المكتسبات، بحيث يقول المعني: “عمي قوقل” في عهد سرعة التكنولوجيا يوفر لكم كل شيء، عكس حقبة الماضي أين كنا نلجأ للأرشيف”.
وهل تأقلمت مع زمن التكنولوجيات المتطورة؟
في القرن الـ21 عهد السرعة و التكنولوجيا، يعترف عمي عجال هواري، أنه لم يجد ضالته مع مواقع التواصل الإجتماعي و الهواتف الذكية، لكنه حاول المواكبة و المسايرة، إلى أن وصل لمبتغاه. عكس القرن العشرين الذي كان في عز الشباب، مفيدا أن كل زمن و جيله، فخورا و شاكرا الله على كل ما قدمه في الجمهورية، الهدف و حاليا في يومية وهران ” كوتيديان” بالرغم من تقاعده سنة 1999 إلا أن مسؤولي “كوتيديان” يصرون على بقائه معهم فهو الشمعة التي تنور الصحافة الرياضية الوطنية.
تحليلاته للمباريات خلقت له المشاكل وقاسم ليمام كان متابعا لها
و بما أنها مهنة المتاعب، فقد واجهت عمي هواري عجال في مسيرته مشاكل كبيرة و عديدة. هناك مدربين خاصموه لمدة 10 و 12 سنة لكن عادت المياه لمجاريها اليوم. في هذا السياق يقول متحدثا: “المدرب عليه تقبل ثقافة النقد البناء، لأن رؤية الصحافي للأرضية تختلف عنه كثيرا، السبب تموقع الإعلامي فوق الملعب فلا تخفى عليه خافية، فضلا على درجة الضغط التي تكون أقل مقارنة بالمدرب، حتى المرحوم قاسم ليمام، كان يستفيد من قراءة تحليلي لكل مباراة مثلما صرح لي به في العديد من المقابلات التي جمعتني به”.
الثناء للقدامى المحللين
كما لم يخفي عمي عجال هواري تدهور مستوى بطولتنا إلا أنه مرغم كباقي الصحافيين على مشاهدة مختلف تحاليل مبارياتها في شتى القنوات. المحللون فيهم وعليهم، لكنه يعرب عن اعجابه لتحليلات رابح ماجر الذي تألق في هذا المجال، فضلا عن رفيق صايفي الذي برز فيه وبرهن عن جدارته في التحليل، لأنه تعلم كثيرا من خلال احتكاكه مع الخبراء في القنوات العربية، خصوصا في أساليب الحوار، شأنه شأن الحارس الدولي السابق دريد الذي له مستوى لا بأس به في التعليق المباشر على المباريات.
موسوعة وأرشيف الكتاب
ويبقى باب هوري عجال مفتوحا دائما وأبدا، لكل من يلجأ إليه لأخذ يد المساعدة، سواء في اعمال صحافية تاريخية أو بالنسبة للمؤلفين والكتاب في المجال الرياضي عامة والكروي خاصة. وأبرز من تعامل معه مؤخرا وكان يزين مقدمات مؤلفاته نجد المؤرخ لحسن بلحوسين الذي طرح كتاب فيه بورتريهات لأبرز الأندية واللاعبين من فترة 1920 حتى 1962، الذين شرفوا الكرة الوهرانية والذي تعاون فيه مع عمي عجال هواري في التدقيق وجمع المعلومات. إلى جانب كتاب ثاني تناول قصة إتحاد وهران العميد لفرق الجهة الغربية والذي يتواجد اليوم بالقسم الجهوي الأول.
المدرب كشاف المواهب
و إلى جانب الصحافة، دخل هواري عجال، مجال التدريب في عام 1962 بتدريبه الفئات الصغرى لإتحاد وهران. الفريق الذي يعشقه لحد النخاع و بقي وفيا لألوانه. حيث حقق مع أصاغر “ليزمو” عدة كؤوس و بطولات في المنافسة الولائية. كما تدربت عنده العديد من الأسماء اللامعة، في شاكلة، الحكمين الدوليين، المرحوم بن جهان و حنصال، حميدة تسفاوت، محمد حنكوش، ناصر بن شيحة و عاصيمي محمد رضا. سبق له ان شارك في العديد من المسابقات في اختبارات المعلومات الكروية التي كانت تجرى لخبراء كرة القدم في الماضي التي تنظمها الاتحادات الوطنية أو الدولية.
ليزمو ذهب خالص “مايزول ما يحول”
ربما عبارة المناصر الوفي “لليزمو” بشير جمعي أطال له في عمره، حيث قال مقولة مشهورة ” ليزمو كي ذهب متحولش”، قاعدة مكرسة عند بقية الأنصار والمحبين على غرار الصحافي العميد هواري عجال. فبالرغم من تراجع الشعبية والنتائج، لكن إتحاد وهران مسجل في التاريخ عميدا لفرق الجهة الغربية، ذاع صيته في الحقبة الاستعمارية في شمال إفريقيا وليس محليا فقط، متمنيا دائما أن يخرج من سباته العميق.
بن عمر ميلود أحسن رئيس
وفي رد له عمن هو أحسن مدرب ورئيس نادي تعامل معه، أجاب عمي هواري، قائلا: “الرئيس السابق لإتحاد وهران بن عمر ميلود في الحقبة الإستعمارية. أما المدربين فهناك أسماء عديدة، المرحوم اسماعيل خباطو أشهد له بالكفاءة، الدولي السابق فرقاني له فكر تدريبي عالي المستوى والشيخ واضح المدرب السابق لمولودية وهران كان من بين القلائل المتحصلين على شهادات في التدريب من المدرسة المجرية في ذلك الوقت”.
ظل وفيا لأساطير الزمن الجميل
وعن أهم اللاعبين، يقول: “أساطير في نظري، البداية مع قناوي لاعب اتحاد وهران الذي سبق له اللعب في أولمبيك مارسيليا، العربي بن مبارك لاعب السابق لإتحاد بلعباس وأتليتيكو مدريد، عملاق شباب بلوزداد حسان لالماس، لخضر بلومي قاهر الألمان. هؤلاء كانت لديهم قراءة في اللعب لدى كانوا يتفوقون على الكثير من زملائهم، دون نسيان القيصر ميلود هدفي، هو في الحقيقة مهاجم، لكن والده الذي لم يحقق مسيرة كبيرة كمدافع، ارتأى ان يحقق أحلامه في ابنه المرحوم ميلود وهو ما تحقق”.
مناصر للبرصا ويعشق مدريد زمان
كما يعد شرف و فخر الصحافة الوهرانية من بين مناصري البرصا حاليا و هو عاشق لريال مدريد زمان، أيام مانويل سانشيز، دلبوسكي، كماتشو و غيرها من الأسماء.
ذكرى افتتاح ملعب 5 جويلة أحسن ذكرى في مسيرته
يبقى افتتاح ملعب 5 جويلية راسخا في ذهنه وذلك من خلال تنشيط اللقاء الإفتتاحي جمع المنتخب المغاربي ضد أسي ميلان الإيطالي. حينها ذرف الدموع وعرف المعنى الحقيقي لنعمة الاستقلال، بعد معاصرته للإستعمار الغاشم. حيث سجل حضوره في ذلك الحفل الإفتتاحي كما سبق له أن سجل حضوره في افتتاح ملعب أحمد زبانة بوهران سنة 1957، آنذاك رفض مع مجموعة من الأصدقاء الوقوف للنشيد الفرنسي ما عرضهم للمضايقات من قبل المعمرين الفرنسيين. وعليه، شعوره كان لا يوصف يوم فتح ملعب 5 جويلة على نشيد قسما.
ذكريات طريفة مع المصور عدة
وعن أبرز ذكرياته الطريفة يقول عمي عجال هواري: “حدث في 1982 على هامش كأس أمم إفريقيا في ليبيا أين تأخرت عن وجبة الغذاء فعاتبني مسؤول المطعم ورفض تقديم الغذاء قائلا لي”، “هل تتناول مرتين أنت”، حيث شبهني بالمصور السابق للجمهورية عدة. بعدها قررت ان أرافق عدة في الغذاء والعشاء حتى يتضح لمسؤولي المطعم أنه مجرد شبه، ليوجهوا لي الاعتذار بعد أن اكتشفوا حقيقة الشبه الكبير بيني وبين عدة”.
من إعداد: بن حدة