يبدو أن تصريحات طبيبين فرنسيين في برنامج تلفزيوني بث قبل أيام على قناة “إل سي أي” الفرنسية، ذهبت بعيداً وأثارت ردود فعل غاضبة على نطاق واسع. إذ طرحا الطبيبان وأحدهما مسؤول في معهد طبي معروف في فرنسا إمكانية إجراء تجارب سريرية في أفريقيا للقاح “بي سي جي” المضاد لداء السل، لمعرفة مدى فعاليته ضد فيروس كورونا. إذ سأل رئيس قسم العناية المركزة في مستشفى “كوشين” بباريس جون بول ميرا، مديرَ مركز الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية كامي لوشيت “ألا يجب علينا أن نقوم بتجربة هذه الدراسة في أفريقيا؟ حيث لا توجد كمامات ولا علاجات ولا عناية مركزة”، فأجابه لوشيت بأن ثمة تفكيرا بإجراء اختبارات في أفريقيا لمعرفة مدى فعاليتها على كورونا، وهذا ما قابله رد فعل مثير من قبل نجوم كرة القدم الإفريقية، الذين نددوا بالعنصرية وعدم احترام للإنسانية والبشرية بالنسبة للأفارقة.
ديلور، فغولي وبن عطية نددوا بعنصرية الفرنسيين
و رد لهما نجم المنتخب الوطني أندي ديلور الصاع صاعين، الذي اقتبس تصريحات سابقة لرئيس أولمبيك مارسيليا الذي وافته المنية مؤخرا باب ضيوف، عندما قال عبارته الشهيرة:” العنصرية هراء بشري….ونراها عندما تلتقي الحرية مع الغباء”، فيما قام سفيان فيغولي بإعادة نشر تغريدة تنتقد الطبيب الفرنسي الذي مار العنصرية في أحد البلاتوهات التلفزيونية، و من جانبه فإن لاعب بايرن ميونيخ الألماني السابق مهدي بن عطية، عبر عن امتعاضه من كلام الطبيبين الفرنسيين، بتغريدة على حسابه أيضا في “تويتر” “انا مصدوم، من العار التفوه بمثل هذا الكلام”، ومن جهته أيضا، رد الدولي المغربي السابق، عبد السلام وادو، على تلك التصريحات في تغريدة على حسابه في تويتر “من الأفضل تجربة هذا الدواء عليك أولا، قبل منحه للأفارقة.
دروغبا، إيتوو ديمبابا ردّوا بقوة
و في السياق ذاته، فقد غرد نجم نادي تشيلسي والمنتخب الإيفواري ديدييهدروغبا على تويتر قائلا : إفريقيا ليست مختبراً والأفارفة ليسوا بخنازير من أجل القيام بتجارب طبية عليهم، وأضاف: “ماهذه العنصرية المقيتة ضد الشعوب الإفريقية، شأنه شأن النجم الكاميروني صامويل إيتو هداف نادي برشلونة الإسباني السابق، و هو الذي هجومه قوياً ولاذعاً على الكلام الذي قيل في حق الأفارقة وكانت تعليقاته تحمل الكثير من الشتائم والإهانة للطبيبين الفرنسيين.”وأدان كذلك النجم الفرنسي الأسبق أوليفييداكورت هذا المقترح العنصري، وكتب عبر حسابه بأنستغرام :” هل هم حقا جادون في ذلك؟”، و من جانبه فإن الدّولي السينغالي ديمبابا لاعب نادي إسطنبول باسكسهير التركي حاليا علق أيضا على الموضوع حيث كتب على حسابه الرسمي على تويتر : “مرحبا بكم في المجتمع الغربي حيث مازال الأبيض يعتقد بتفوقه لدرجة أن العنصرية و التفاهة أصبحا شائعين… حان الوقت للاستيقاظ”، أمّا الدولي الكونغولي يوسوفمالومبو لاعب نادي سيلتيك الأسكتلندي المعار لنادي كيلمارنوك علق أيضا : “إفريقيا ليست قمامة و لا حقل تجارب … لا لإجراء التلقيح على فيروس كورونا في افريقيا.”
نادي المحامين في المغرب يقرر رفع دعوة قضائية
ولعل من أقوى ردود الفعل، قرار نادي المحامين في المغرب رفع دعوى قضائية على الطبيبين لدى القضاء الفرنسي. ووصف النادي في صفحته الرسمية بفيسبوك ما جاء على لسان ميرا ولوشيت بالكلام البغيض والعنصري، وقال إن اثنين من المحامين المغاربة سيتقدمان بالشكوى لدى المدعي العام الفرنسي بتهمة التشهير العرقي، حيث صنفت في إطار العنصرية، حيث كشفت عن الوجه الحقيقي والنظرة التي لايزال يحملها جزء من الفرنسيين عن القارة السمراء. ولن يتوقف التنديد بهذه الواقعة عند الرياضيين فقط، بل ستكون لها انعكاسات أخرى.
الطبيب الفرنسي اعتذر بعد التصريحات الجارحة
هذا وقد أكد المعهد الوطني للصحة والطب الوطني في فرنسا أن الباحث كامي لوشت يفهم طبيعة ردود الفعل التي خلفتها تصريحاته في البرنامج التلفزيوني الذي كان يبث بشكل مباشر، وأضاف المعهد أن الباحث يقدم اعتذاره عما بدر منه ويشدد على أنه لم يقصد التفوه بعبارات عنصرية تجاه أفريقيا، وأن قصده كان أن تستفيد القارة والبشرية كلها من ثمار الأبحاث العلمية الجارية للتوصل إلى علاج لوباء كورونا، و وصف المعهد ما تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي بالأخبار المفبركة، موضحا أنه تم نشر فيديو ناقص لمقابلة أجرتها قناة “إل بي سي” مع أحد الباحثين في المعهد، بشأن احتمال إجراء اختبارات على لقاح “بي سي جي” المضاد للسل في أفريقيا، وأشار المعهد إلى أن التجارب السريرية لمعرفة مدى فاعلية اللقاح المذكور ضد فيروس كورونا سيتم إجراؤها في دول أوروبية مثل فرنسا وهولندا وإسبانيا والنمسا وغيرها، وهناك تفكير بتوسيع هذه التجارب لتشمل أفريقيا ولكن بشكل متساوي مع ما يحدث في كل أقطار العالم.
خليفاوي مصطفى