العنف في الملاعب الجزائرية … أرواحٌ تُزهق و دموعُ أمهاتٍ لا تجف

باتت الملاعب الجزائرية تشهد مشاهد مروعة، حيث تحول الشغف بكرة القدم إلى ساحة للصراعات، والتنافس الرياضي إلى مواجهات تتجاوز الخطوط الحمراء. بين التعصب الأعمى وتهور بعض الشباب، لم يعد الأمر يقتصر على شغب الجماهير، بل وصل إلى فقدان أرواح بريئة، وترك أسر غارقة في الحزن والأسى. ظاهرة العنف في الملاعب لم تعد مجرد أحداث عابرة، بل أصبحت أزمة متجذرة في المشهد الرياضي، تتفاقم موسمًا بعد آخر، ويغذيها خطاب الكراهية في مواقع التواصل الاجتماعي، وتصريحات غير مسؤولة من بعض الفاعلين في المجال الرياضي. في الوقت الذي كان يُفترض أن تكون الرياضة وسيلة لتوحيد الجماهير، باتت اليوم تُهدد أمنهم وسلامتهم. دموع الأمهات التي تُذرف بعد كل مأساة، وصور المشجعين الذين فارقوا الحياة بسبب الشغب والتعصب، تكشف حجم الكارثة وتدق ناقوس الخطر. فهل حان الوقت لاتخاذ إجراءات صارمة تعيد للرياضة دورها الحقيقي؟ وهل ستتمكن السلطات من فرض قوانين تمنع انزلاق الملاعب إلى ساحات للعنف والكراهية؟
امتداد العنف خارج الملاعب
لم يعد العنف مقتصرًا على الملاعب، بل أصبح يمتد إلى المحيط الرياضي بأكمله، كما ظهر جليًا في حادثة وفاة أحد مشجعي مولودية الجزائر بولاية أولاد جلال، حيث تعرض لحادث دهس بشاحنة أثناء عودته إلى العاصمة بعد وقوع مناوشات في قرية بئر النعام. هذه الحادثة المؤسفة تسلط الضوء على تحول النزاعات الرياضية إلى مواجهات خطيرة تهدد أرواح المشجعين خارج الإطار الرياضي، مما يستدعي دراسة معمقة لأسباب انتشار هذه الظاهرة واتخاذ تدابير جذرية لاحتوائها.
العنف في رياضات أخرى
العنف لم يعد مقتصرًا على كرة القدم، بل انتشر ليشمل رياضات أخرى مثل كرة السلة، كما حدث خلال لقاء اتحاد البليدة ووداد بوفاريك، حيث شهدت المباراة أعمال شغب غير مسبوقة انتهت بتخريب ممتلكات عامة وخاصة، بما في ذلك الملاعب الرياضية الحديثة. هذه الحوادث تعكس عمق المشكلة التي تواجه الرياضة الجزائرية، حيث أصبحت بعض المنافسات الرياضية ساحات للصراع بدلًا من كونها فضاءً للتنافس الرياضي الشريف.
القرارات العقابية وتأثيرها المحدود
رغم محاولات الاتحاد الجزائري لكرة القدم والرابطة الوطنية للحد من الظاهرة عبر فرض عقوبات مثل اللعب دون جمهور، إلا أن هذه التدابير لم تحقق النتائج المرجوة، حيث لا تزال الملاعب تشهد مظاهر الشغب والعنف بين الجماهير. ومع استمرار تزايد المخاطر، بدأت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم دراسة خيار منع تنقل المشجعين خارج ملاعب أنديتهم، وهو إجراء كان قد طُبّق على مباريات محددة في السابق، ويجري التفكير في تعميمه على كافة الفرق بهدف الحد من الاحتكاكات التي تؤدي إلى اندلاع أعمال الشغب.
دور الإعلام وتأجيج العنف
إلى جانب العوامل الميدانية، يلعب الإعلام الرياضي دورًا في تفاقم الأزمة، حيث تتهم بعض القنوات التلفزيونية بتغذية خطاب الكراهية والتعصب من خلال تحليلات غير موضوعية تؤجج المشاعر بين المشجعين. وقد وجه النائب البرلماني مصطفى بصيري رسالة إلى وزير الاتصال، مطالبًا بتفعيل دور سلطة ضبط السمعي البصري للحد من التأثير السلبي لبعض البرامج الرياضية التي تساهم في تغذية العنف بدلًا من تعزيز قيم الروح الرياضية والتنافس الشريف.
الحلول المقترحة لمعالجة الأزمة
تتطلب أزمة العنف الرياضي في الجزائر حلولًا تتجاوز العقوبات التقليدية، حيث يجب التركيز على تغيير الثقافة السائدة بين المشجعين عبر نشر الوعي حول أهمية الروح الرياضية، وتعزيز القيم الإيجابية التي تجعل الملاعب فضاءً للتنافس النزيه وليس ساحة للصراعات. إضافةً إلى ذلك، فإن تطوير آليات تنظيمية داخل الأندية لضبط سلوك الجماهير، وتعزيز الرقابة الإعلامية لضمان تقديم محتوى رياضي متوازن بعيدًا عن التعصب، قد يسهم في التخفيف من حدة الظاهرة. العنف في الملاعب الجزائرية لم يعد مجرد ظاهرة عابرة، بل تحول إلى أزمة تهدد مستقبل الرياضة في البلاد، وهو ما يستدعي تدابير فعالة من مختلف الجهات، لضمان بيئة رياضية آمنة تحترم مبادئ التنافس الشريف وتعيد للرياضة الجزائرية مكانتها الحقيقية.
هذه هي الحلول التي قد تحد من ظاهرة العنف في الملاعب
بات العنف في الملاعب الجزائرية ظاهرة مقلقة تهدد مستقبل الرياضة وتنعكس سلبًا على الأجواء التنافسية التي من المفترض أن تكون محفزة للفرجة والتشجيع الحضاري. ومع تزايد حوادث العنف في المدرجات وخارجها، أصبح من الضروري اتخاذ إجراءات عملية للحد من هذه الآفة التي لا تسيء فقط إلى الكرة الجزائرية محليًا، بل تلقي بظلالها على صورتها إقليمياً ودولياً.
التشديد على القوانين والعقوبات ضد المشاغبين
أحد أهم الحلول التي يجب اعتمادها هو سن قوانين صارمة لمعاقبة المشاغبين والمتسببين في أعمال العنف داخل الملاعب أو خارجها. يجب أن تشمل هذه العقوبات الغرامات المالية الكبيرة، الإقصاء من حضور المباريات، بل وحتى العقوبات القضائية في الحالات التي تهدد سلامة الجمهور. ولضمان التطبيق الفعلي لهذه الإجراءات، ينبغي تزويد الملاعب بكاميرات مراقبة ذات جودة عالية لرصد جميع التجاوزات، مما يسهل تحديد الجناة واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
تنظيم حملات توعوية لتعزيز الثقافة الرياضية
التوعية الرياضية تلعب دورًا محوريًا في الحد من العنف، إذ يجب إطلاق برامج موجهة للشباب والمشجعين، تهدف إلى تعليمهم ثقافة التشجيع الحضاري وقيم الروح الرياضية. يمكن تنظيم حملات عبر المدارس والجامعات، إضافةً إلى التعاون مع أندية كرة القدم لإطلاق مبادرات توعوية قبل المباريات الكبرى، تُحاكي تأثير العنف على صورة الرياضة الجزائرية، وتبرز أهمية التشجيع الإيجابي في بناء فرق قوية وتحقيق منافسة شريفة.
تحسين ظروف بعض الملاعب لضمان راحة الجماهير
كثيرًا ما يكون غياب الظروف الجيدة داخل الملاعب سببًا رئيسيًا في الاحتقان بين المشجعين. ينبغي تحسين الخدمات داخل بعض الملاعب الجزائرية، من خلال توفير مقاعد مريحة، مخارج طوارئ، مرافق صحية كافية، ومناطق مخصصة للعائلات. كما أن تسيير الدخول والخروج بشكل منظم يساهم في تفادي الفوضى التي غالبًا ما تتسبب في حدوث اشتباكات بين الجماهير، حيث أنه ورغم كل الذي قامت به الدولة الجزائرية من مجهودات جبارة في سبيل إنشاء ملاعب عالمية تعتبر الأفضل في القارة، إلا أن هناك بعض الأندية في الرابطة المحترفة الأولى لا تزال تلعب في بعض الملاعب التي تفتح فيها مثلا عدد قليل من الأبواب ما يشكل طوابير أمام المداخل وحتى في الخروج لا يتم بسلاسة.
فرض قيود على تنقل الجماهير خارج قواعد أنديتها
في بعض الأحيان، تكون التنقلات الجماهيرية بين الولايات سببًا في وقوع أحداث عنف، خصوصًا عندما يتعلق الأمر بالمباريات ذات المنافسة الشديدة بين الفرق. يمكن للاتحادية الجزائرية لكرة القدم أن تعتمد سياسة حظر تنقل الجماهير في بعض المباريات الحساسة، كتلك التي تشهد منافسة حادة بين فرق المدن الكبرى، تفاديًا لوقوع اشتباكات خارج الملاعب.
ضبط الإعلام الرياضي والتصدي لخطاب الكراهية
تؤدي بعض البرامج الرياضية دورًا سلبيًا في تغذية العنف بين المشجعين، حيث يُعتمد فيها على محللين متعصبين يساهمون في تأجيج المشاعر من خلال تصريحات غير مسؤولة. ينبغي فرض رقابة أكثر صرامة على الإعلام الرياضي، ووضع ضوابط تحظر استخدام عبارات قد تدفع الجماهير إلى تبني سلوكيات عدوانية. كما يُمكن الاستفادة من الإعلام في إطلاق حملات التوعية، بحيث يتم تخصيص برامج تناقش أهمية الروح الرياضية وتأثير العنف على صورة الكرة الجزائرية.
تشجيع مبادرات المصالحة بين الأنصار
يمكن للأندية أن تلعب دورًا هامًا في تهدئة الأجواء المشحونة بين الجماهير، من خلال تنظيم لقاءات مصالحة بين أنصار الفرق المتنافسة، لتعزيز ثقافة الاحترام المتبادل والتشجيع النزيه. كما يمكن الاستفادة من نجوم كرة القدم السابقين لتوجيه رسائل مباشرة للجمهور تحثهم على تجنب العنف والتشجيع بأسلوب رياضي راقٍ.
توظيف التكنولوجيا لتعقب المشاغبين
في العديد من الدول، يتم استخدام التكنولوجيا بشكل فعال للحد من العنف الرياضي، سواء عبر أنظمة تحديد هوية المشجعين أو برامج الذكاء الاصطناعي التي تساهم في الكشف عن أي محاولات تحريضية على العنف عبر منصات التواصل الاجتماعي. يمكن للجزائر الاستفادة من هذه الحلول لضبط المشاغبين ومنعهم من دخول الملاعب. وتُعد معالجة العنف في الملاعب الجزائرية تحديًا كبيرًا يتطلب تعاون جميع الأطراف المعنية، من أندية وجماهير واتحادات رياضية، وصولًا إلى السلطات الأمنية والإعلام الرياضي. كرة القدم يجب أن تبقى مساحة للمتعة والتنافس الشريف، وليس ساحة للصراعات التي تهدد السلم الاجتماعي وتشوه صورة الرياضة الجزائرية. من خلال تضافر الجهود، يمكن خلق بيئة رياضية أكثر أمانًا، وإعادة الروح الرياضية إلى المدرجات، بحيث تصبح الملاعب مجددًا مكانًا للفرح والاحتفال بدلًا من أن تكون ساحة للفوضى والعنف.
في رصد لـبولا…صحفيون يدقون ناقوس الخطر و يدعون إلى حلول عاجلة
رصدت جريدة بولا تصريحات عدد من الصحفيين الجزائريين والأخصائي النفساني، بوغرارة الشيخ، اذا يتضح أن العنف في الملاعب ليس مجرد تصرفات فردية، بل هو أزمة لها جذور متعددة، منها تأثير وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، إضافةً إلى نقص إجراءات صارمة لمعاقبة المتسببين في أعمال الشغب. في هذا التقرير، نستعرض أهم الآراء والمقترحات التي تناولها الإعلاميين والخبراء، في محاولة لفهم الظاهرة وإيجاد حلول فعالة تساهم في إعادة الرياضة إلى دورها الحقيقي كفضاء للتنافس الشريف والتقارب الاجتماعي….
وليد غرايبية (صحفي التلفزيون العمومي):” يجب معاقبة المتسببين في الفتنة بين الجماهير”

في حديثه عن ظاهرة العنف في الملاعب الجزائرية، عبّر الصحفي وليد غرايبية عن أسفه العميق لما آلت إليه الأوضاع، حيث أصبحت مظاهر العنف مشهدًا مألوفًا في كل جولة رياضية تقريبًا. وأشار إلى أن المباريات التي تُقام دون جمهور، والتي تُعتبر إحدى العقوبات المفروضة للحد من الشغب، لم تحقق النتائج المرجوة، بل أظهرت محدودية تأثيرها في معالجة الأزمة، وقال غرايبية لجريدة بولا: “مؤلم ما يحدث في ملاعبنا من مظاهر العنف، التي نشاهدها تقريبًا في كل جولة، حيث لا تكاد تخلو مباراة من أعمال شغب. وللأسف، كرة القدم التي يُفترض أن تكون وسيلة تجمع المشجعين، أصبحت للأسف عاملًا يزرع الفرقة والكراهية بينهم.” وأضاف: “تتعدد أسباب هذه الظاهرة، فإلى جانب الانفعالات الطبيعية المصاحبة للمنافسة، نجد أن بعض الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي تلعب دورًا في تأجيج المشاعر قبل المباريات المهمة. كما أن بعض وسائل الإعلام، عن قصد أو غير قصد، تساهم في زيادة التوتر، مما يُفاقم الوضع بين الجماهير ويزيد من حدة المواجهات.” وقال أيضًا: “هناك حلول ضرورية يجب تطبيقها للحد من هذه الظاهرة، ومنها تفعيل القانون الخاص بخطاب الكراهية، لمعاقبة كل من يعمل على إثارة الفتنة والتحريض بين المشجعين. كذلك، أرى أن عقوبة اللعب دون جمهور لم تحقق نتائج ملموسة، لذا ينبغي التفكير في فرض غرامات مالية كبيرة على الأندية، مما سيدفعها إلى تحمّل مسؤوليتها في ضبط سلوك جماهيرها. إضافةً إلى ذلك، يمكن لجان الأنصار ومجموعات الألتراس أن تلعب دورًا مهمًا في تأطير المشجعين ونشر ثقافة الروح الرياضية.” وختم قائلاً: “الأهم من كل ذلك هو توفر إرادة حقيقية للقضاء على هذه الظاهرة، لأن كرة القدم ليست سوى لعبة يجب أن نحافظ فيها على الروح الرياضية، حيث يُهنَّأ الفائز ويُعزَّى الخاسر، دون أن تتحول الملاعب إلى ساحات للصراعات والعداء.” تصريحات غرايبية تعكس الواقع المؤلم الذي تعيشه الملاعب الجزائرية، وتبرز الحاجة الملحّة لاتخاذ إجراءات فعالة تُعيد للرياضة دورها الحقيقي كمجال للتنافس النزيه والتواصل الإيجابي بين الجماهير.
دباس شيخ إسماعيل (إعلامي):”يجب تشريح الوضع وعرضه على المختصين”

في حديثه عن تصاعد العنف في الملاعب الجزائرية، أكد الصحفي دباس شيخ إسماعيل أن الأزمة تخطت كل الحدود وأصبحت أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، خاصة فيما يتعلق بلغة التهديد والوعيد بين أنصار الأندية، لا سيما تلك التي تجمعها منافسة مباشرة. وقال: “أصبح هذا يشكل ظاهرة مقلقة وخطيرة قد تؤدي لاحقًا إلى مشاكل أعمق، من شأنها أن تخلق قطيعة بين الجماهير وتزرع الضغينة بين أبناء الشعب الواحد، وهو أمر يستوجب الوقوف عند أسبابه ودراسته بجدية.” وأضاف: “الوضع الآن بات خطيرًا ويتطلب تدخلًا عاجلًا وسريعًا من الجهات المسؤولة، لمنع التداعيات التي قد تنجم عنه، والتي قد تكون لها عواقب وخيمة لا تُحمد عقباها. لذلك، من الضروري البدء في تشريح الظاهرة وعرضها على المختصين والخبراء، خاصة أساتذة علم الاجتماع، لدراسة أسباب تصاعد خطاب الكراهية والتفرقة بين المناصرين، إضافةً إلى تحليل لغة التهديد التي باتت سائدة بينهم.” وقال أيضًا: “هناك ضرورة لإشراك أهل الميدان من أكاديميين ومتخصصين في علم الاجتماع، من أجل إيجاد الحلول الفعالة التي من شأنها الحد من هذه الظاهرة، والبحث عن البدائل المناسبة لإعادة الأمور إلى طبيعتها، حيث يجب أن يبقى التنافس الرياضي أسمى من أي خطاب آخر”. وختم قائلاً: “الرياضة وُجدت لتوحيد الشعوب وليس لتقسيمها، لذلك يجب التحرك بشكل جاد لتطويق هذه الأزمة، حتى تعود الملاعب إلى دورها الحقيقي كفضاء للتنافس الرياضي الشريف، بعيدًا عن العنف والتعصب.” تصريحات شيخ إسماعيل تسلط الضوء على أهمية إيجاد حلول شاملة لاحتواء أزمة العنف الرياضي، من خلال المعالجة العلمية والتوعوية، لضمان بيئة رياضية أكثر أمانًا واحترامًا.
نبيل الهادي (صحفي الإذاعة الجزائرية – عين تموشنت):”أقترح إسقاط الأندية التي يتسبب أنصارها في العنف إلى الأقسام السفلى”

في حديثه عن انتشار العنف في الملاعب الجزائرية، أكد الصحفي نبيل الهادي أن هذه الظاهرة أصبحت أكثر تفشيًا في الفترة الأخيرة، ولم تعد تقتصر على حالات فردية، بل باتت تهدد المشهد الرياضي بشكل عام. وقال: “أسباب العنف متعددة ولا يمكن حصرها في عامل أو اثنين، لكن من بين العوامل الرئيسية تفشي خطاب الكراهية بين أبناء البلد الواحد، والذي تغذيه صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثف، إضافة إلى بعض البرامج الرياضية التي تبتعد عن الواقعية والتحليل الموضوعي، وتساهم في تأجيج الفتنة والمحاباة بين الأندية، مما يزيد من حدة الاحتقان بين الأنصار.” وأضاف: “حتى مسؤولو بعض الأندية يتحملون جزءًا من المسؤولية بسبب تصريحاتهم غير المسؤولة، والتي لا تخدم تهدئة الأجواء، بل تُضاعف من حالة التوتر بين المشجعين. كما أن هناك عوامل أخرى مثل سوء التحكيم وغياب التنظيم الفعّال في المباريات، مما يزيد من حالة الفوضى ويعزز احتمالات حدوث أعمال شغب.” وقال أيضًا: “من بين الحلول التي أراها ناجعة، ضرورة فرض عقوبات ردعية صارمة، بما في ذلك إسقاط الأندية التي يتسبب أنصارها في أعمال شغب إلى الأقسام السفلى، وهو إجراء قد يدفع الجماهير إلى ضبط سلوكها خوفًا من الإضرار بمستقبل فريقها. كذلك، يجب على سلطة الضبط أن تكون أكثر صرامة في تعاملها مع القنوات التي تقدم برامج رياضية ذات تحليل ضعيف وغير منطقي، وتعتمد أسلوب المحاباة بدلًا من طرح نقاشات موضوعية تهدف إلى تهدئة الأوضاع.” وختم قائلاً: “المهم أن ندرك أننا جميعًا مسؤولون عن محاربة ظاهرة العنف في الملاعب، حتى لا تصل الأمور إلى مستوى لا تُحمد عقباه، حيث تصبح الرياضة أداة تفريق بدلًا من أن تكون وسيلة للتقارب والتلاحم بين أبناء الوطن الواحد.” تصريحات نبيل الهادي تسلط الضوء على الأبعاد الإعلامية والتنظيمية لأزمة العنف في الملاعب الجزائرية، مشيرًا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حازمة لمنع تفاقم الظاهرة وضمان بيئة رياضية أكثر أمانًا واحترامًا.
كاميل بوزار (صحفي رياضي):”سلطة الضبط مطالبة بالتدخل الصارم”

في حديثه عن تفشي العنف في الملاعب الجزائرية، أكد الصحفي كاميل بوزار أن الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل تتفاقم موسمًا بعد آخر، مشيرًا إلى أن الموسم الماضي شهد فقدان مناصر مولودية الجزائر، وبعده بفترة قصيرة وفاة المناصر سفيان رحمه الله، مما يدل على خطورة الوضع. وقال: “خطاب الكراهية المنتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي من جهة، والتصريحات غير المسؤولة لبعض رؤساء الأندية من جهة أخرى، ساهموا بشكل كبير في تغذية هذه الظاهرة. هناك رؤساء أندية يبيعون الوهم لأنصارهم بالحديث عن المنافسة على الألقاب، فقط لتبرير اخفاقاتهم والتهرب من المسؤولية، وهو ما يخلق حالة من التوتر والاحتقان بين الجماهير.” وأضاف: “الإعلام التحليلي أيضًا يتحمل مسؤولية كبيرة، حيث أصبحت بعض البرامج التحليلية مليئة بالمحللين الدخلاء على المهنة، والذين يقدمون قراءات منحازة تخدم طرفًا على حساب آخر، مما يزيد من التصعيد بين المشجعين، بدلًا من تقديم تحليل موضوعي يساهم في تهدئة الأوضاع.” وقال أيضًا: “رغم أن الدولة الجزائرية قامت بتشييد ملاعب ومرافق رياضية بمعايير عالمية، إلا أن المشاكل نفسها لا تزال قائمة في كرة القدم المحلية، حيث يستمر إزهاق الأرواح وسط الجماهير. هناك حديث عن مقترح لإنهاء الموسم الكروي دون جمهور، حيث سيُعرض القرار على المكتب الفيدرالي للفاف يوم 30 أفريل، وهو خيار قد يكون ضروريًا لتخفيف حالة الشحناء بين الأندية المتنافسة، خاصة تلك التي تصارع على اللقب أو البقاء.” وتابع: “هناك حلول أكثر فعالية يجب تطبيقها، مثل الاستفادة من التجربة البريطانية في مواجهة شغب الملاعب، حيث تم القضاء على ظاهرة الهوليغانز من خلال إجراءات صارمة، مثل وضع كاميرات مراقبة داخل المدرجات لتحديد هوية المشاغبين، وسجنهم خلال توقيت المباريات ومنعهم من التنقل مع فرقهم، إضافةً إلى تنظيم الدخول إلى الملاعب وتوفير بطاقات اشتراك للجماهير، مما يساهم في تقنين وضبط الحضور الجماهيري.” وختم قائلاً: “سلطة ضبط السمعي البصري مطالبة بالتدخل ووقف البرامج التلفزيونية التي تؤجج الوضع، حيث أن بعض المحللين تجاوزوا كل الخطوط الحمراء في تغطيتهم. وفي ظل التوتر المتزايد، ربما يكون الحل الأمثل هو إنهاء الموسم الكروي دون جمهور، لتخفيف الاحتقان بين المشجعين قبل فوات الأوان”. تصريحات كاميل بوزار تعكس الحاجة الملحة لاتخاذ قرارات حازمة للحد من تصاعد العنف في الملاعب الجزائرية، عبر حلول تنظيمية وردعية تجعل الرياضة وسيلة للتنافس النزيه بدلًا من أن تكون مصدرًا للتوتر والانقسام.
بوغرارة الشيخ (أخصائي نفساني):”التعصب الزائد يساهم في تأجيج العنف”

يرى الأخصائي النفساني بوغرارة الشيخ أن الرياضة، وخاصة كرة القدم، التي لطالما كانت وسيلة لتوحيد الشعوب وتعزيز الروح الرياضية، تحولت في السنوات الأخيرة إلى ساحة صراع بين الجماهير، ما أسهم في تصاعد مظاهر العنف والكراهية داخل وخارج الملاعب. ويُرجع بوغرارة الشيخ أسباب تفشي هذه الظاهرة إلى عوامل عدة، أبرزها الضغوط النفسية والمشاكل الاجتماعية التي يعيشها بعض المشجعين، إضافة إلى غياب التوعية الرياضية التي كان من المفترض أن تلعب دورًا في تهذيب سلوك الجماهير. كما أن التعصب الزائد لفريق معين واستفزاز الأنصار لبعضهم البعض يساهمان بشكل مباشر في تأجيج العنف وتحويل التشجيع من متعة رياضية إلى حالة من التوتر والصدام. وفيما يتعلق بالحلول المقترحة لمعالجة هذه الظاهرة، يشدد الأخصائي على ضرورة فرض قوانين أكثر صرامة، من خلال تطبيق عقوبات حازمة على كل من يمارس العنف بأي شكل من الأشكال داخل الملاعب أو خارجها. كما يقترح تنظيم فعاليات رياضية مشتركة بين الجماهير المختلفة، مما يساهم في نشر ثقافة التقبل والاحترام بين الأنصار، فضلًا عن ضرورة فرض رقابة مشددة على الإعلام الرياضي ووضع ضوابط لمنع الخطابات التحريضية والتعصبية، ويؤكد بوغرارة الشيخ أن استغلال المنصات الاجتماعية لنشر حملات توعوية يمكن أن يكون له تأثير إيجابي، إذ يسمح بالوصول إلى أكبر عدد ممكن من المشجعين، وتعزيز ثقافة الروح الرياضية، والحد من النزاعات التي باتت تهدد مستقبل الرياضة الجزائرية.
من إعداد: مصطفى خليفاوي