الأولى

بعد انضمامها إلى مبادرة “طريق الحرير”: فرنسا تعلن “الحرب” على الجزائر

خسرت فرنسا فردوسها المفقود إلى الأبد، بعد نجاح انتخابات 12/12/19، لتسارع إلى ممارسة الابتزاز عبر عدة وسائل منها قناة فرانس 24 التابعة لجهاز لوزارة الخارجية الفرنسية، التي تم تسخيرها لاستهداف الجزائر عبر حملة ممنهجة استغلت فيها جائحة – كوفيد 19- والمساعدات التي أرسلتها الحكومة الصينية إلى الجزائر، متهمة الجيش الوطني الشعبي بالاستحواذ على الهبة الصينية وتحويلها إلى المستشفى العسكري عين النعجة، أو هكذا تزعم “وكر الاستخبارات” على لسان الصحفي الفرنسي المقرب من اللوبي اليهودي Francis Ghilès الباحث في المعهد الأوربي للمتوسط الذي مقره اسبانيا.

وجن جنون الدوائر واللوبيات الفرنسية التي تعمل على الحفاظ على السوق الجزائرية أمام المنافسة الشرسة للشركات الصينية، خاصة بعد التوقيع الرسمي من قبل رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، على مرسوم انضمام الجزائر رسميا إلى مبادرة “طريق الحرير” الصينية يوم 6 جوان 2019 .

وتستضيف قناة المخابرات الخارجية الفرنسية، هذا الصحفي (المعروف بمواقفه المعادية للجزائر، والذي عمل لسنوات مراسلا اقتصاديا متخصصا لشؤون المغرب العربي في Financial Times) بشكل شبه دائم عندما يتعلق الأمر بالهجوم على الجزائر أو استهداف المسؤولين السياسيين أو القادة العسكريين وحتى عندما يتعلق باستهداف حلفاء الجزائر وشركائها الحقيقين على غرار الصين وروسيا.

وتحركت جميع الأدوات الفرنسية وأذرعها المختلفة المرتبطة بأجهزة استخباراتها ومراكزها البحثية المتخصصة في اللوبيينغ، بقوة منذ نجاح الجزائر في تنظيم انتخابات 12 ديمسبر 2019 واختيار الشعب الجزائري لرئيس جمهورية شرعي أوقف مخطط تفكيك الدولة الوطنية الذي كانت تعمل على تنفيذه القوة الاستعمارية التقليدية عبر أدواتها المحلية.

ولم يجد هذا الكاذب الذي يزعم المعرفة الجيدة باقتصاديات الدول المغاربية والعالم العربي، من فرية يفتريها سوى ادعائه أن الحكومة الصينية ردت بتلك المساعدات التي قدمتها للجزائر بعض من الأموال الضخمة التي ربحتها شركاتها في الجزائر خلال السنوات الماضية، مضيفا أن شركة البناء الصينية المحدودة–cscec – فازت بمشروع ببناء جامع الجزائر بمبلغ 10 مليار دولار، هكذا قال، بدون أدنى حياء، في حين أن العالم كله يعلم أن قيمة الصفقة مع الحكومة الجزائر لم تتجاوز 1.5 مليار دولار، والجامع اليوم جاهز للتدشين، والأكثر من ذلك أن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، هو من أشرف على مراحل إنجاز المشروع، لما كان وزيرا للسكن والعمران.

فرنسا تتخبط بعد خسارة شركاتها لموقعها بالجزائر

عندما نعرف ماهو موقف وزير السكن والعمران الأسبق الذي هاجم شركة “بويغ” الفرنسية التي كانت تسعى للفوز بالمشروع بأي ثمن، نعرف لماذا يتهجم الصحفي المقرب من الدوائر المعادية للجزائر في باريس، على الرئيس الحالي عبد المجيد تبون.

وصرح عبد المجيد تبون، في أبريل 2016 قائلا: ” يعتقد مجمع البناء الفرنسي بويغ منذ انطلاق مشروع جامع الجزائر، أنه مشروعه، لكنه لم يتحصل ولن يتحصل على المشروع، مشيرا إلى العلاقة بين المجمع الفرنسي والحملة الشرسة التي تشنها وسائل الإعلام الفرنسية”، ليخلص المتحدث إلى القول “إن الفرنسيين يسوؤهم تغيير تسمية الحي الذي أقيم عليه المشروع من لافيجري إلى المحمدية”. وهو ما يفسر لماذا استغل الصحفي الفرنسي الفرصة لصب أحقاده المكبوتة ضد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، نتيجة سقوط حسابات اللوبيات والدوائر الفرنسية التي كانت مسيطرة ومنتفعة جدا مع النظام السابق الذي تحول إلى مجرد راع للمصالح الفرنسية في البلاد.

وعلى نفس المنوال تنسج أصوات جزائرية منذ تفشي وباء كوفيد19 على مستوى العالم ووصوله إلى الجزائر، داعية بدون حياء إلى تحويل جامع الجزائر إلى مستشفى، بحجة عدم كفاية مؤسسات الرعاية الصحية، منطلقة من منطق جاهل يغطيه الحقد الأعمى على مرجعية الأمة الجزائرية، حيث يخلط هؤلاء الحقدة بين الجدران والإمكانات العلمية التكنولوجية والثروة الحقيقية التي هي المورد البشري الضروري لتسيير المؤسسات الصحية التي تتوفر عليها البلاد والتي تعاني وضعا مزريا بسبب الفساد والإفساد ومحاربة النجاح والكفاءة وهو المنطق الذي ساد لعقود واشتد وقعه مع النظام السابق.

الغريب أن هذا الصحفي خبير شؤون طاقوية، الجالس في مكتبه بمدريد الاسبانية وسط حجر كلي، “رأى بأم عينه” كيف ذهبت الهبة الصينية إلى الجيش الجزائري، ومع ذلك بعض من يصدقه من بعض الجزائريين، على الرغم من أن الهبة الصينية ذهبت مباشرة إلى الصيدلية المركزية للمستشفيات قبل تحويلها نحو مستشفيات بوفاريك والبليدة في وقت لاحق.

قناة فرنسية لا تعرف المشاكل التي يتخبط فيها قطاع الصحة الفرنسي!

عوض أن تهتم هذه القناة بفضائح قطاع الصحة الفرنسي الذي أصبح يوصف بأنه لا يختلف عن نظرائه في الدول المتخلفة، بعد أن هرولت الحكومة الفرنسية إلى الاستنجاد بالأنظمة الصحية الألمانية والسويسرية لإنقاذ ما يمكن، وبعد أن تركت الجارة روما مركز الكاثوليكية العالمية التي تدين بها باريس، تواجه مصيرها لوحدها، راحت قناة الفتنة ونشر القتل والخراب وتصفية الرؤساء تمهيدا لنهب الثروات مثل ما حصل مع الزعيم القذافي وسرقة نفط بلاده من طرف شركة توتال، راحت هذه القناة الحاقدة على الجزائر وجيشها ورئيسها تتهم النظام الصحي الوطني بالعجز في مواجهة جائحة كوفيد 19 على لسان صحفي حاقد معروف بمواقفه العدائية الحاقدة على الجزائر.

قناة فرانس 24 يبدوا أنها لم تسمع بعدم كفاءة وزيرة الصحة السابقة قريبة سيمون فاي، وزوجة ايفري ليفي، الذي يتمع بالحماية المطلقة من اللوبي اليهودي المتمثل في المجلس التمثيلي للمنظمات اليهودية بفرنسا (CRIF)، كما لم تسمع هذه القناة التعيسة بالحملة الشرسة الذي يتعرض لها العالم الفرنسي ديدي راؤول المتخصص في علم الأوبئة الذي طالب باعتماد دواء كلوروكين رخيص الثمن في علاج وباء كورونا، قبل أن تقوم عليه القيامة بتحريك من لوبيات صناعة الدواء، والأدهى والأمر من كل ذلك أن هذا الصعلوك الذي يهاجم الجزائر على أمواج قناة معادية لم يسمع بتصريحات رئيسه ايمانويل ماكرون الذي دعا الفرنسيين يوم 10 مارس للخروج وعيش حياتهم بشكل عادي قبل أن ينقلب على عقبيه يوم 15 مارس ويأمر بغلق المدارس الفرنسية أمام تفشي الوباء وحصد المزيد من أرواح الفرنسيين.

عداوة وحقد قديم ضد الجزائر

لا يمكن فصل هذه الهجمات ضد الجزائر عن سياق يمتد لسنوات طويلة بل لعقود من العداوة ومحاولة الإيقاع بالجزائر وضرب مصالحها الحيوية والاستراتيجية.

ففي مقال كتبه هذا الصحفي الحاقد يعود لنهاية العام 2006 يهاجم فيه محاولة الجزائر وروسيا وقطر تأسيس كارتل للغاز للدفاع عن مصالح هذه البلدان في الأسواق الغازية وقتها.

يتهم هذا الصحفي، الجزائر وروسيا وليبيا قطر، بالتأمر ضد الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من خلال إقامة أوبك للغاز. متحدثا عن تقرير سري سلم في نوفمبر 2006 لحلف الناتو، يشير إلى مناورات تقودها روسيا التي تزود أوروبا بـ25 بالمائة من حاجتها من الغاز. واصفا الدول المذكورة بالمتآمرة من خلال محاولتها تأسيس منظمة للدفاع عن مصالح الدول المنتجة للغاز، متهما إياها بالسعي لمراقبة 60 % من إمدادات الغاز العالمية، محملا المسؤولية الكبرى في ذلك لروسيا والجزائر بصفتهما أكثر الفاعلين وخاصة بعد تحالف العملاق الروسي غاز بروم ومجموعة النفط الوطنية سوناطراك، محذرا من عواقب هذا التحالف على أوروبا، لتصبح الصورة أكثر وضوحا عندما قرر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، تصفية الزعيم الليبي معمر القذافي، والاستحواذ عن الثروات الغازية الليبية الضخمة من طرف شركة توتال الفرنسية.

ويعود الصحفي الفرنسي المعروف بالعداء التقليدي للجزائر، إلى التحالف بين الجزائر والاتحاد السوفيتي السابق، ويذكر بالإسهامات السوفيتية السابقة في المساعدة على بناء مجموعة سوناطراك وتكوين آلاف المهندسين في معاهد بومرداس خلال حقبة السبعينات وبداية الثمانينيات وحتى خلال بداية الاستقلال في المساعدة على تمييع الغاز وهي التكنولوجيا التي كانت الجزائر السباقة فيها على صعيد عالمي وهو ما لم تغفره الدوائر التي يدور في فلكها هذا الصحفي للجزائر.

محاولة قطع الطريق

وقع رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، على مرسوم انضمام الجزائر رسميا إلى مبادرة “طريق الحرير” الصينية يوم 6 جوان 2019، وهو القرار الذي حاولت فرنسا منع حصوله بكل ما تملك من قوة وثقل ولكنها فشلت.

وحسب بيان لرئاسة الجمهورية فإن بن صالح وقع على “مذكرة التفاهم بين حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة جمهورية الصين الشعبية بشأن التعاون في إطار مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الـ21 الموقعة ببيجين بتاريخ 4 سبتمبر سنة 2018”.

سيحفظ التاريخ لرئيس الدولة عبد القادر بن صالح، هذه الخطوة الإستراتيجية، لأنها تعني الكثير في المجال الجيو-استراتيجي، لأنها بمثابة الخطوة الأساسية في البناء الذي سيعقب جائحة كوفيد 19 وقيام أحلاف جديدة أو بالأحرى قيام عالم جديد.

ويعرف المشروع الذي يقض مضاجع أوروبا والغرب عموما، رسميا باسم “الحزام والطريق”، وهو مبادرة صينية قامت على أنقاض طريق الحرير القديم، ويهدف إلى ربط الصين بالعالم عبر استثمار مليارات الدولارات في البنى التحتية على طول طريق الحرير الذي يربطها بالقارة الأوروبية، ليكون أكبر مشروع بنية تحتية في تاريخ البشرية، ويشمل ذلك بناء مرافئ وطرقات وسككا حديدية ومناطق صناعية. وهو مكمن خوف القوى الاستعمارية التقليدية في القارة الإفريقية وعلى رأسهم فرنسا الاستعمارية التي تعمل على الاحتفاظ على مصالحها في القارة عبر شبكة من العملاء منهم رؤساء دول حكومات ومنظمات اقتصادية واجتماعية ومالية متشعبة.

وتحاول فرنسا عبر الكثير من الأدوات التي تملكها وتحركها إلى تأليب الرأي العام ضد الحكومات الخارجة عن الطاعة و تلك التي تحاول مستعملة كل الأدوات الممكنة منها الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية والثورات الملونة وحتى التصفيات الجسدية التي تتقنها جيدا إذا تطلب الأمر، وهي الأسباب التي تساعد على الفهم الجيد لما تريده فرنسا من وراء تحريك أدواتها واستهداف الجزائر في هذا الظرف بالذات ولماذا ترفض باريس أن يستتب الأمر في الجزائر، حتى لا تتمكن من التفرغ للأشياء الأساسية وبناء دولة عصرية قوية مهابة الجانب.

زكرياء حبيبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P