حوارات

آسيا جعفر كاتبة و هاوية للفن و علوم النفس و مهتمة بعلم الأعصاب: ” قرأت عدة كتب وتعلمت اللغة التركية وطورت موهبتي خلال فترة كورونا “

بداية نود من ضيفتنا الكريمة التعريف بنفسها للجمهور، كيف حالك أستاذة؟

” الحمد لله ، عساكم بخير و عافية يا رب ، لست من محبي التعريف بالنفس ، لأن النفس لأمارة بالسوء و محبة للرياء ، سأحاول أن أختصر قدر الإمكان ، اسمي آسيا جعفر خريجة ماستر بيوتكنولوجيا نباتية بجامعة هواري بومدين للعلوم و التكنولوجيا ، كاتبة و هاوية للفن و علوم النفس و مهتمة بعلم الأعصاب ” .

كيف بدأت الكتابة و كيف دخلت عوالمها أو من شجعك على ذلك ؟

” كأنني خُلقت بدل الإبهام و السبابة و الوسطى قلم حبر و رصاص بجانبه ريشة أو فرشاة رسم، منذ طفولتي كنت أختلي بسجلي الخاص لأحكي له عن أحلامي و آمالي ، أحزاني و حتى قهقهاتي الطفولية المدوية عشية أيام الصيف الحارة، فكتبت قصصا صغيرة لازلت أحتفظ بها زيادة على ذلك بعض الأشعار و الخواطر، تم اكتشاف موهبتي في الكتابة منذ أيام الابتدائية إبان حصة التعبير الكتابي، في غالب الأوقات كان عملي هو الأحسن في القسم،  آنذاك بدأ التشجيع من طرف أساتذتي لأصقل موهبتي فكنت شغوفة بالمطالعة و تطوير لغتي و خيالي، إضافة إلى ذلك موهبتي في الرسم وقتها حثتني مديرة المؤسسة على الاهتمام بها أيضا. كما استمر التشجيع في المتوسطة و الثانوية من طرف أساتذة اللغات “.

هل للبيئة أثر كبير على الكاتب ؟ ما هي آثارها عليك ؟

” بالطبع، كما يقال الإنسان ابن بيئته يتأثر بمحيطه ليس فقط ككاتب بل حتى الفنان التشكيلي و الموسيقي و ما إلى ذلك من التخصصات، فكما نجد شعراء الجاهلية الذين تغنوا بطبيعتها القاسية و حرارتها و كذا جمال سمائها المزينة بالنجوم التي تتلألأ مثل شظايا الألماس   ليلا مما جعلهم قويي البنية لتأثير البيئة الجافة على الجانب الفيزيولوجي، فمنهم الفارس المغوار و المحارب المحنك و القائد الشجاع …الخ .من الجانب الآخر نجد شعراء الأندلس الذين وصفوا جمالها و بيئتها المخضرة و عمرانها الأصيل ذو الطابع الهندسي الإسلامي، فاهتموا بالعلوم الطبيعية و الديكور الزخرفة النباتية و الإيتيكيت و الطبخ الأصيل المتقن .

أما عني و عن جيلي بصفة عامة ، تأثرنا و لازلنا نتأثر بطبيعتنا التي تدخلت فيها التكنولوجيا بشكل كبير، و كل ما له علاقة بالعلم الحديث ،بيئتي التي طغت عليها الوسائل التكنولوجية و الآلات بمختلف أنواعها التي لا تحمل لا روحا و لا مشاعر، جعلتني أفرغ أحاسيسي و مشاعري عن طريق الكتابة ، خصوصا في بيئة مدنية تخلو من الطبيعة ، قد كان حافزا لهروبي من العالم الجاف إلى عالم الحبر و الحب و الأمل ، أما الأنترنت و وسائل التواصل الاجتماعي  جعلتنا ندون و نكتب و نتبادل الآراء و نتعلم أكثر لتطوير ذواتنا ، حيث ساعدتني كثيرا في صقل مواهبي خصوصا عندما أستشير من لهم الخبرة و من يرشدني و يصحح لي أخطائي من أساتذة ، كتّاب و صحفيين متمرسين وقت كانت المنتديات التعليمية التي نشارك فيها إبداعاتنا و أفكارنا بيئة الكترونية وهمية لكن آثارها الإيجابية علينا لا تزال قائمة “.

ما هي أهم الكتب و الأدباء و المشاريع الفكرية التي أثرت عليك في مشوارك ؟

” الكتب التي ألهمتني و لا تزال هي الكتب الفكرية التي تجعلك تستخدم عقلك و منطقك و الغوص في أعماقك لتجد إجابة كافية لك ، منها “الإسلام بين الشرق و الغرب” للرئيس السابق للبوسنة و الهرسك علي عزت بيجوفيتش، كتب مالك بن نبي ، مصطفى محمود أيضا من بين الكتب هناك روايات الخيال العلمي و الفنتازيا التي تلهمني من بينها رواية ” جلالته الأب الأعظم” للدكتور حبيب مونسي ،و الروايات التاريخية مثل ثلاثية غرناطة لرضوى عاشور و ليالي تركستان لنجيب الكيلاني ، قلعة النسور لفلاديمير بارتول هذه من أهم الكتب التي أثرت علي بشكل كبير”.

ما هو تقييمك المنهجي للفكر العربي؟

” دائما ما أسال الفكر العربي الكثير من الحبر، فهناك من يجده بنّاءً لجيل واعد و هناك من يراه متأثرا بشكل كبير بالفكر الغربي ، أما عني فأراه حاليا غنيا و ثريّا لأن أنوع الفكر بين التقليدي و الحديث كنز ضخم يدفعنا للتقدم ،حتى و إن تأثر بالأفكار الغربية التي تبناها بعض الأدباء و صقلوها على طريقتهم فأخذوا الصالح المفيد و رموا الطالح الضار ، أما من لهم نوايا خبيثة لدس سم فتاك في عقول القرّاء و الناشئين هم بصدد تدمير النواة الأساسية لمستقبل الأمة العربية “.

لمن تكتبين ؟ و هل أنت في كل ما كتبت؟

أكتب للفئة الناشئة التي لم تتذوق بعد طعم المطالعة ، أحاول التأثير عليهم إيجابيا من أجل صنع جيل سوي واثق من نفسه و مفتخر بمجتمعه و كينونته.

قد أجد بعضا مني في كل ما أكتب ، الكاتب الذي يملك الأحاسيس و الخبرة في الحياة يستطيع أن يوصل فكرته و مشاعره بكل سهولة ،فما يخرج من القلب بصدق يمس قلبا آخر في صميمه “.

ممكن تعطينا أهم أعمالك؟  الكتب والجرائد التي شاركت فيها ؟

” بالطبع أول رواية لي كانت تحت عنوان ” الحق ظاهر لا محالة ” تم نشرها سنة 2014 ،و شاركت في كتاب جامع بعنوان “لوبيثا سوشيالا” كما حالفني الحظ مشاركة العديد من الخواطر في جريدة التحرير و جريدة الشعب ،حيث نشرت لي منصة جواهر الشروق بعض المقالات فكان هذا تطورا مهما بالنسبة لي كمدونة “.

ممكن تعطينا شرحا حول روايتك و عن ماذا تدور أحداث كتاب لوبيثا سوشيالا؟

” الحق ظاهر لا محالة هي رواية تاريخية سياسية خيالية تدور أحداثها في المملكة البريطانية قبل الثورة الصناعية ،تحاكي الحاضر بلسان الماضي مع إسقاط مشكلة البيئة و الاستغلال الفتاك لكل التنوع البيولوجي و تدمير كوكب الأرض من أجل المال و السلطة ، بطلها جيمس موريسبي الذي سخر حياته من أجل رفع راية الحق عاليا رغم كل الظلم الطاغي حيث تكلمت فيها عن التمييز العنصري و مشكلة الزنوج التي كانت آنذاك، أما لوبيثا سوشيالا فهو كتاب جامع لبعض الخواطر و القصص القصيرة التي تتحدث عن المشاكل الاجتماعية كالطلاق ، العقم، الفقر “.

لديك مؤلف لم ينشر ممكن تعطينا شرحا حوله ؟

” أجل ، لدي مجموعة قصصية مختلفة بعض الشيء فهي تجمع بين الخيال و الواقع ، بين الماضي و الحاضر بين السعادة و الحزن ، كما لها نصيب كبير لبث الأمل في النفوس المحطمة التائهة ، حاليا بصدد كتابة رواية من الأحسن ترك تفاصيلها غامضة إلى أن تنشر فتكون مفاجئة جميلة”.

من غير الكتابة ماذا تعملين و ما هي هواياتك ؟ كيف توفقين بين العمل و الهواية؟

” عملي هو نتيجة دراستي في مجال البيولوجيا و الفيزيولوجيا الحيوية في مخبر خاص، أما هوايتي هي الرسم بكل أنواعه و التعليق الصوتي باللغات الثلاثة العربية الفرنسية و الإنجليزية، حيث لي صفحة خاصة على الانستغرام و الفايسبوك اسميتها Assiart Pen and Brush، و هي تجمع بين القلم و الريشة أي بين الكتابة و الرسم. لي لوحات عدة و قد اشتهرت بسلسلة والت دزايري بمعنى أصح : أميرات والت ديزني باللباس التقليدي الجزائري التي لاقت إعجاب الكثير من المتتبعين من داخل الوطن و خارجها، و تم تشجيعي من طرف صحفيين معروفين في الساحة الإعلامية لإكمال بقية السلسلة و التشجيع على التراث الجزائري حتى يصل إلى العالمية بفضل وجوه الأميرات مثل بيضاء الثلج و سندريلا و بوكاهنتس…الخ، و يمكن تتبع السلسلة تحت هاشتاغ خاص  #waltdzeiry

كل من يحب عمله و هواياته يمكنه أن يوفق بينهما لأنه يستمتع و لا يشعر بالتعب و لا بالملل بل يتلذذ بكل ثانية خصوصا بعدما يقطف ثمار اجتهاده “.

ما هو دور و مستقبل الشعر و الأدب في عصر الكمبيوتر و عصر الاستهلاك؟

” قد أسميته في سؤالك عصر الاستهلاك و هو كذلك، كل ما هو جديد و قصير و لا يأخذ وقتا و لا تعبا فكريا يكون أكثر طلبا خصوصا لو مس جانبا مهما يلفت نظر القارئ و ميولاته، قد يكون للشعر دور في هذا العصر لو تم استعماله بشكل ذكي و بسيط ليتسلل إلى عقل القارئ أو المستمع من غير بذل جهد ، اللعب على القافية و اختيار المواضيع الحساسة بطريقة مميزة نفس الشيء بالنسبة للأدب إلا أنه هناك اختلاف بسيط ،و هو نشر القصص القصيرة لكن مسموعة لأن مستقبل الأدب و الشعر يكون على مواقع التواصل الاجتماعي التي تستقطب الفئة الشابة الميالة لكل ما هو عصري “.

هل من الممكن أن تكتبي قصة حياتك؟

” أجل ، وارد جدا أن أكتب قصة حياتي و كل ما مررت به من أحداث مختلفة على مر السنين، يمكن حتى أن يصبح فيلم و يحصد العديد من الجوائز.”

لو أردت تقديم نصيحة للشباب و البنات ماذا تقولين ؟

“عليكم بالمطالعة و تطوير الذات و البحث عن الحقائق و الأجوبة على كل سؤال يخطر على بالكم في أي مجال، و عدم أخذ المعلومة من أي شخص أو أي كان بل وجب التأكد من المصدر، التأمل و التفكر و إعمال العقل هو الطريق الوحيد الذي يجعلك فردا ذا مكانة و شخصية منفردة تتمتع بكينونتها.”

هل أنت من عشاق الكرة المستديرة؟

“أجل بالطبع منذ الطفولة.”

ما هو فريقك المفضل محليا و عالميا؟

“محليا عميد الأندية المولودية العاصمية أما عالميا فريق اليوفنتوس الإيطالي.”

من هو لاعبك المفضل محليا و عالميا؟

“في الحقيقة كل لاعب و له خاصية تميزه، محليا أتذكر رفيق صايفي لما كان في المولودية و مراوغاته التي لا تنسى، فيصل باجي الذي ألقبه ببيرلو الجزائر و هناك اللاعب السابق للنادي العاصمي “مقداد” من بين المفضلين لدي لإتقانه تسديد الكرات الثابتة ، أما عالميا فهناك العديد من بينهم دل بيرو ، بيرلو، باجيو ،اللاعب الأرجنتيني باتيستوتا البرازيلي روبارتو كارلوس .”

جائحة كورونا هل أثرت عليك؟ كيف كانت فترة الحجر الصحي؟

” أجل أثرت علي بشكل كبير ، لكن جعلتني أتفطن لأمور عدة ، عملت على ذاتي و تطويرها ، تعرفت على أصدقاء جدد أصبحوا عائلتي الثانية التي أسميناها “حاجة تفرح” قرأت الكثير من الكتب بدأت بتعلم اللغة التركية و استغليت وقتي ،حيث عملت على صفحتي و صقلت من مواهبي كما أنني فتحت قناة يوتيوب أضع فيها فيديوهاتي و أنا ارسم “.

كلمة أخيرة؟

“جائحة كورونا العالمية جعلتنا نسأل أنفسنا و نعيد التدقيق في تصرفاتنا و حياتنا و روتيننا، عرفنا معنى العائلة ، الأهل ، الأصدقاء التواصل الاجتماعي الحقيقي و ليس الافتراضي و كم كنا في نعمة لم نعرف قيمتها، اهتموا بصحتكم النفسية و الجسدية و أحبوا محيطكم و لا تنسوا أننا عابري سبيل في هذه الدنيا ، و السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته “.

أسامة شعيب

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. آسيا انسانة ذات فكر و احساس عميق هي اختي التي لم تلدها امي و كل من يصادفها في حياته محظوظ جدا…اتمنى لها التوفيق في كل مجالات الحياة وارجوا من الله ان يحفظها

  2. افرح كثيرا عندما ارى شباب و شابات بهذه الهمة و الثقافة و التفاؤل خاصة . مزيد من النجاح ان شاء الله بنيتي.

  3. انسان ذات مواهب و ذات اخلاق عالية. الله يحفضها و يسرلها مشاريعها. انسانة هكذا تحب التعلم و استتثمار فيما له معنى و قيمة زائد فيهاو بما حولها. استمري في امانك بنفسك و الله يسرلك امورك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P