أي دور للمجالس البلدية المحلية في تنمية الحركة الرياضية؟ البلديات تتهرب من دعم قطاع الرياضة رغم مساعي الدولة
عملت الدولة على تحصين الرياضة وممارستها وجعلها من بين الحقوق التي أتى بها الدستور وذلك من خلال إلزام السلطات العمومية لدعم الرياضة والنهوض بها. وألزمت الدولة ممثلة في البلدية والجماعات المحلية على تعبئة كل الوسائل المتاحة للنهوض بهذا القطاع، والحرص على أنه يجب على السلطات العمومية اتخاذ التدابير الملائمة لتحقيق تسهيل ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية مع توفير الظروف المواتية لإبراز طاقاتهم وقدراتهم الإبداعية في كل هذه المجالات.
القانون واضح والمجالس البلدية تخالف
المشرع الجزائري سطر قوانين متعددة تحدد دور الجماعات المحلية في تنمية الحركة الرياضية، كما نصت على ذلك نصوص القوانين الموجهة للتعميم الوطني للرياضة، والتوصيات المنبثقة عنها والتي ركزت بشكل كبير على دور المجالس البلدية في تنمية الرياضة. فالحركة الرياضية لدى الجماعات المحلية مبنية على أسس واضحة من خلال تصوراتها ووفق برامج متعددة، كما تنص على ذلك كل الفصول والمواد المرتبطة بالشأن الرياضي والاجتماعي. ومن خلال مجموعة من الدراسات التي تهتم بالشأن المحلي وبالخصوص الشأن الرياضي، يتضح أن أغلب الجماعات المحلية لا تحترم البنود المرتبطة بالشأن الاجتماعي والرياضي وتراجعت عن اهتمامها بالحركة الرياضية ، ولم تبذل أي جهد لتقوية البنيات التحتية الرياضية كإحداث ملاعب رياضية، قاعات رياضية مسابح وحتى تلك الموجودة منها، التي يعود عهدها إلى فترة الاستعمار ، عجزت عن صيانتها وإصلاحها وترميمها، وبقيت مهملة وبعضها تحول إلى أطلال وخراب ، بل إن بعضها بفعل تلاشيها وقدمها أصبحت تشكل خطرا على سلامة وأمن اللاعبين والجمهور الرياضي عامة.
غياب التخطيط والرؤى سمة المجالس البلدية
إن غياب برامج رياضية واضحة لدى بعض المجالس البلدية وعدم الاهتمام بهذا القطاع الحيوي ساهم بشكل كبير في تدني وتخلف القطاع الرياضي، خاصة كرة القدم، باعتبار مسؤولي الجماعات المحلية يصنفون الرياضة في آخر الرتب وآخر ما يمكن الاهتمام به هو الرياضة وتدرج دائما كآخر نقطة في جداول الأعمال باعتبارها قطاع تسلية ولهو ولعب بعيدا عن المفهوم المعاصر والعلمي للرياضة التي تساهم بشكل كبير في التنمية الاقتصادية علما أن عائدات الرياضة في بعض الدول كالبرازيل والأرجنتين تفوق عائدات الدول البترولية.
بعض المجالس البلدية تصنع الاستثناء
وبالعكس من هذا تحتل الرياضة مكانة مهمة لدى بعض المجالس البلدية التي تولي اهتماما بالغ الأهمية للرياضة والأنشطة الاجتماعية عامة، كما تشهد على ذلك بعض المدن الجزائرية التي تحتل فيها الرياضة مواقع جد متقدمة وبالخصوص رياضة كرة القدم.
الدولة حريصة على دعم القطاع الرياضي
وأمام هذا العجز عن مواكبة تطورات الحركة الرياضية من طرف المجالس البلدية ومن أجل تقريب الرياضة من المواطنين وتفعيلا للتوجيهات السامية للدولة في هذا الميدان، أحدثت عديد المبادرات الوطنية لتنمية مجموعة من المشاريع الرياضية شملت القاعات المغطاة، الملاعب، المسابح، المركبات الرياضية ومختلف الفضاءات الرياضية سواء في المجال القروي أو الحضري. علما بأن المشرع الجزائري سطر مجموعة من البنود القانونية تلزم الجماعات المحلية بإحداث مشاريع رياضية ودعم الأنشطة الرياضية من بينها: قانون رﻗﻢ 0513 مؤرخ في 14 رمضان عام 1434 الموافق 23 يوليو سنة2013 يتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية والرياضية وتطويرها.
أغلب المجالس البلدية لا تلتزم بالقوانين
هذه القوانين لا يتم احترامها في معظم المجالس المنتخبة، وبالخصوص أن بعض الجماعات المحلية لا تلتزم إزاء الجمعيات الرياضية، وتهدف إلى استقطاب بعض الأندية، من خلال تقديم منح مالية لها وتحولها إلى وسيلة لخدمة أهداف غير رياضية رغم أن القانون يدعو الجماعة المحلية أن تكون في خدمة الرياضة، وليس العكس بالرغم من أن التنشيط الرياضي بالبلديات، يعتبر نقطة أساسية في تحقيق التنمية الاقتصادية المحلية. ولا يمكن النظر إليه كنشاط ثانوي وتكميلي ، بل يجب الاهتمام به كقطاع منتج وذلك عبر إحداث وخلق مشاريع رياضية، وتوفير فضاءات في مستوى الممارسة الرياضية ، وخلق استثمارات مدرة للدخل لفائدة الجمعيات والأندية أو بخلق اتفاقيات شراكة مع الجماعة أو مع قطاعات أخرى ليكون للجمعيات الرياضية مدخول قار، دون الاعتماد على المنحة الهزيلة وأحيانا المنعدمة التي تمنح للأندية الرياضية والتي تتساوى فيها الجمعية التي لا يتعدى عدد أفرادها 5 أو 6 أفراد و الذين لا يشكلون في غالبية الأحيان حتى أعضاء مكتب الجمعية، مع جمعية رياضية عريقة لها تاريخ رياضي ومكانة متميزة داخل الحركة الرياضية الوطنية بطاقم إداري وتقني يتعدى أحيانا 300 شخص. وهنا نتساءل عما هي المعايير التي يعتمد عليها في تصنيف الجمعيات الرياضية حسب المستحقات والتحفيزات؟ فلماذا لا تتم الاستشارة مع القطاع الوصي على الرياضة حول أولوية وأحقية الجمعيات الرياضية النشطة في الاستفادة من منح المجالس المنتخبة؟
سنينة مختار