تحقيقات وروبورتاجات

بولا تستحضر أهم ما حققته الرياضة النسوية …  سيدات الجزائر بطلات فوق العادة

كان  للمرأة الجزائرية شرف إهداء الجزائر أول ميدالية في مختلف بطولات العالم  للجزائر عن طريق ملكة السباقات النصف الطويلة حسيبة بولمرقة في سباق 1500 متر ، هذه الاخيرة أهدت  الجزائر أيضا أول ميدالية من المعدن النفيس خلال الألعاب الأولمبية برشلونة 1992 ، لتكتب المرأة الرياضية اسمها بأحرف من ذهب في تاريخ انجازات الجزائر رياضيا ، من خلال التتويجات المحققة في رياضات ألعاب القوى و الجيدو و كرة اليد من خلال تحقيقها للوصافة قاريا 1996 ، ناهيك عن كرة الطائرة التي كان لها شرف المشاركة كأول رياضة نسوية جماعية بالاولمبياد عن طريق رفيقات فاطمة الزهراء عكازي خلال دورتي بكين 2008 و لندن 2012 ، إضافة إلى التألق القاري في مختلف الرياضات ، كما منح التألق الرياضي للمرأة الجزائرية ، شرف تقلد مناصب مهمة على الصعيد الرياضي ،

كما كان عليه الحال منذ سنتين مع كاتبة الدولة المكلفة برياضة النخبة سابقا ملكة الجيدو الأفريقي سليمة سواكري ، لكن هذا الرقي و تطور مقارنة بسنوات التسعينات ، تباطأت عجلته في الدوران منذ سنة 2008 حينما نالت صورية حداد الميدالية البرونزية في منافسة الجيدو بأولمبياد ببكين و هي التي كانت آخر ميدالية أولمبية للرياضة النسوية خلال المشاركات الجزائرية ، كما شهدت صائفة 2022 تألق لافت للرياضيات الجزائريات في المحافل الدولية على غرار ألعاب البحر الأبيض المتوسط الأخيرة بوهران و التي شهدت على أحسن نتيجة سجلتها الرياضة الجزائرية من خلال سابق مشاركاتها و التي كان حصاد العنصر النسوي فيها 13 ميدالية ملونة في رياضات الكاراتي دو ، الجيدو ، ألعاب القوى ، الكرة الحديدية ، رفع الأثقال و الفن النبيل الذي تألقن فيها الملاكمات الجزائريات عن طريق كل من روميساء بوعلام ، إشراق شايب ، فاطمة زهراء حجالة ، و البطلة إيمان خليف هذه الأخيرة التي تمكنت من شق طريقها والبروز دوليا في اختصاص رياضي صعب كان لوقت قريب حكرا على الرجال فقط .

وتعد أول ملاكمة تشارك في الألعاب الاولمبية في تاريخ الرياضة الجزائرية وحققت خلال اولمبياد طوكيو 2020 المرتبة الخامسة التي كانت أفضل نتيجة يسجلها الوفد الجزائري خلال الألعاب ، بالإضافة إلى ثراء سجلها بعدة ألقاب دولية أخرى أهمها الميدالية الفضية في بطولة العالم  ، لتبقى قيمة ثابتة و مشروع بطل أولمبي خلال دورة باريس 2024 الصيف المقبل.

إيمان خليف .. من قرية عين مصباح إلى العالمية

إيمان خليف
إيمان خليف

بهدف تشريف الراية الجزائرية عالميا ، وبإمكانيات شبه منعدمة ، وظروف قاهرة ، تمكنت الملاكمة الجزائرية الشابة ايمان خليف من شق طريقها والبروز دوليا في اختصاص رياضي صعب كان لوقت قريب حكرا على الرجال فقط..وتعد ايمان خليف (25 سنة) أول ملاكمة تشارك في الألعاب الاولمبية في تاريخ الجزائرية ، وحققت خلال اولمبياد طوكيو 2020 المرتبة الخامسة التي كانت أفضل نتيجة يسجلها الوفد الجزائري خلال الألعاب ، كما ذكرنا سالفا بالإضافة إلى ثراء سجلها بعدة ألقاب دولية أخرى.

وبعد مولدها بمدينة عين سيدي علي بالأغواط ، انتقلت بطلة الجزائر إلى ولاية تيارت حيث ترعرعت بقرية صغيرة تسمى “بعين مصباح” أنهت بها مسيرتها الدراسية في السنة الثانية من الطور الثانوي ، قبل أن تلتحق بمعهد علوم التكنولوجيا الرياضية عبد الله الفاضل بعين البنيان في الجزائر العاصمة ولم يكن ذلك صدفة ، بل كان ثمرة اجتهاد ومثابرة دامت لسنوات ، أبانت خلالها موهبتها الرياضية في الطور الابتدائي والمتوسط فالثانوي ، قبل أن تختار رياضتها المفضلة “الملاكمة” وتستدعى من طرف النادي الرياضي للملاكمة للحماية المدنية بولاية إقامتها تيارت سنة 2016. وعن هذه البداية ، أوضحت ايمان خليف قائلة: ” تميزت منذ الصغر بطموحي الزائد خاصة في مجال الرياضة.

كنت نشيطة وحيوية في المدرسة خاصة عند ممارسة الرياضة وهذا ما لفت انتباه أساتذتي ، الذين لم يبخلوا عليا بتشجيعاتهم وتوجيهاتهم التي ساعدتني لأخطو أول خطوة نحو تحقيق حلمي وهو تشريف راية الجزائر عالميا أولا ، وان أكون ملاكمة دولية يصعب على المتنافسات ترويضها”. منذ نعومة أظافرها وفي أول مشوارها الرياضي . و  كانت ايمان مغرمة وشغوفة برياضة كرة القدم ، حيث كانت تمارسها مع أبناء جلدتها فقط ، لكن سرعان ما تحولت وجهة إعجابها برياضة الملاكمة ، خاصة بعد أن تلقت تشجيعا من طرف المدربين والمختصين في هذا النوع الرياضي ، منهم المدرب محمد شعرة الذي كان يرى فيها البطلة المستقبلية فاستدعاها للنادي الرياضي للحماية المدنية للملاكمة ، مواصلة  “الأمر الذي حفزني للتفرغ لممارسة رياضة الملاكمة وإعطائها كل الأهمية” .

وفي ذات العهدة الرياضية التي انتقلت فيها لنادي الحماية المدنية 2016-2020 ، حدثت المعجزة التي طالما انتظرتها ايمان وهو تأهلها لأولمبياد طوكيو 2020 ، وهي أول امرأة في تاريخ الملاكمة النسوية الجزائرية تتأهل إلى الاولمبياد التي قالت عنها: “كان الامر معجزة بالنسبة لي و بمثابة حلم ، حيث قالت عن هذه التجربة ”  فرحت كثيرا بالتأهل وعملت أكثر بمساعدة العديد من الأشخاص لتحقيق نتيجة مشرفة وحقا كان ذلك ، الشكر لجميع من ساندني في مشواري وفي تحقيق حلمي”. وككل بطلة ناجحة ، واجهت ايمان في مشوارها ، العديد من الصعوبات والعراقيل خاصة أنها من عائلة بسيطة ومحافظة. لكن على غير الكثيرات ، جعلت هذه العواقب من البطلة أكثر قوة وإصرار على المضي قدما نحو الأمام ونحو المستقبل المشرق الذي كان ينتظرها في آخر المطاف

. فواصلت مثابرتها بمعية مدربيها ومتخذة من نصائحهم عملة رابحة مكنتها من تحقيق العديد من التتويجات. فتمكنت من إسماع النشيد الوطني الجزائري في العديد من المحافل الدولية ،  مساهمة في تغيير نظرة المجتمع والأهل نحو الرياضة النسوية بعدما كانوا يرفضون في الأول فكرة ولوجهن عالم الرياضات التي كانت في السابق حكرا على الرجال.

وعن هذا تقول ايمان : ” في بداية مشواري شعرت أنني لا استطيع المواصلة ، بحكم أن عائلتي لم تتقبل الفكرة بتاتا و أيضا نظرة المجتمع التي أحسستني أنني ارتكب شيئا خطأ بممارسة رياضتي التي أصبحت تسري في دمي. زد على ذلك ، الصعوبات التي واجهتها في التنقل إلى مركز التدريبات وخاصة في الحصص المسائية منها ، لأني كنت اقطن في قرية بعيدة عن المدينة.

غير أنه مع إصراري وثقتي في نفسي وفي إمكانياتي ، جعلت كل هذه الحواجز ، أكثر قوة وكانت دافعا إضافيا للسير قدما نحو تحقيق المبتغى ومواصلة حلمي. فتغير كل شيء للأجمل ، خاصة عندما كان يرفرف علم بلدي ويعزف نشيده في العديد من دول العالم.”

حسيبة بولمرقة  … مشوار حافل بالنجاحات

حسيبة بولمرقة
حسيبة بولمرقة

 تنفرد العداءة حسيبة بولمرقة الرياضية “الرمز” في تاريخ الجزائر بكونها الرياضية الأولى التي كتبت اسم الجزائر في السجل الأولمبي، بفضل ذهبية سباق الـ1500 متر التي توجت بها في دورة الألعاب الأولمبية ببرشلونة (إسبانيا-1992). تمكنت بعد ذهبيتها في أولمبياد 1992 من الارتقاء إلى أعلى منصات التتويج العالمية لمرتين، خلال مونديال ألعاب القوى سنة 1994 بلندن وبعدها بمونديال غوتبرغ بالسويد في نفس الاختصاص (1500 متر).

وبنتائجها الباهرة، فتحت ابنة مدينة الجسور المعلقة المولودة في تاريخ 10 يوليو/تموز 1968 بقسنطينة، الباب على مصراعيه لمختلف الرياضيين الجزائريين للتألق في المواعيد التنافسية العالمية. واكتشفت هذه البطلة المنافسات الدولية سنة 1986 خلال المنافسة العالمية للعدو الريفي، والذي اكتفت خلالها بالمركز الـ80. بعدها بسنتين بدأ نجمها يسطع فوق السماء القارية بحصولها على الميدالية الذهبية لسباق ضمن البطولة الإفريقية سنة 1988 بولاية عنابة بالشرق الجزائري.

وأعادت الكرة في البطولة القارية بلاغوس (نيجيريا)، لتختتم الموسم في المرتبة السابعة في كأس العالم للأمم ببرشلونة. وفي سنة 1991، فازت حسيبة بولمرقة بالميدالية الذهبية في المهرجان الذهبي بروما الإيطالية، قبل أن تحقق إنجازا آخر بمونديال طوكيو، بحصولها على اللقب العالمي خلال نهائي 1500 متر المثير بتجاوزها في آخر دورة السوفيتية تيتيانا دوروفسكيخ التي توجت في نفس الموعد بذهبية سباق 3000 متر. ويعتبر تتويج بولمرقة أكثر من رمزي، ليس فقط لأنها أول مرأة جزائرية وعربية تحصل على اللقب العالمي لألعاب القوى، بل لأن الجزائر كانت قد بدأت تدخل في فترة صعبة خلال العشرية السوداء و المأساة الوطنية التي مرت بها الجزائر . ولقد كان للدورة الرمزية التي قامت بها حول الملعب، وهي تحمل الراية الوطنية رسالة أكثر من معبرة، لأنها حركت مشاعر كل الشعب الجزائري وهي الصورة التي ظلت راسخة في الأذهان.

وخلال نهائي 1500م في عام 1992 لأولمبياد برشلونة، تمكنت ابنة مدينة الصخر العتيق من تجاوز أقوى المتنافسات، ويتعلق الأمر بليودميلا روغاشوفا، اتحاد الدول المستقلة (الاتحاد السوفيتي سابقا) في الـ200 متر الأخيرة لتهدي الجزائر أول ميدالية ذهبية أولمبية في تاريخها. وفي مونديال شتوتغارت 1993 بألمانيا، شاركت حسيبة بالرغم من معاناتها من إصابة على مستوى أصابع القدم، وتمكنت رغم الإصابة من الفوز بالميدالية البرونزية.

لكن ما يثبت أنها عداءة لديها جينات الأبطال هو تمكنها من استعادة اللقب العالمي بعد ذلك بسنة فقط في موعد لندن العالمي من خلال تتويجها بالميدالية الذهبية. وأعادت الكرة في الموعد العالمي بغوتبورغ (السويد) سنة 1995 محققة أحسن توقيت لها في الموسم. وجاءت سنة 1996، حيث ضربت بولمرقة موعداً جديداً مع الأولمبياد، وهذه المرة في أتلانتا الأميركية قصد الاحتفاظ بلقبها المحقق قبل أربع سنوات، إلا أنها وفي سباق نصف النهائي وجدت نفسها في آخر مركز خلال الدور الأخير، بسبب إصابة على مستوى الكاحل لتغادر على إثرها مضمار السباق.

وفي 1998، قررت بولمرقة وضع حد لمسيرتها الرياضية، لتشتغل بعد ذلك منصب باللجنة الأولمبية الدولية قبل أن تدخل عالم الأعمال.

صورية حداد …أول من أهدت الجيدو الجزائري ميدالية أولمبية

صورية حداد
صورية حداد

تعد مصارعة الجيدو صورية حداد أول إمرأة أهدت الجيدو الجزائري ميدالية أولمبية ، كان ذلك في دورة بيكين 2008 ، كما يوجد في   سجلها ميدالية برونزية في بطولة العالم للجيدو في وزن أقل من 48 كيلوغرام تحصلت عليها في دورة 2005 التي أقيمت في مصر ، أما الميدالية برونزية أولمبية فكانت في وزن أقل من 52 كلغ فازت فيها في أولمبياد بكين 2008 .و هي أيضا بطلة أفريقيا ثلاث مرات وحائزة على ميدالية ذهبية في ألعاب البحر المتوسط بألميريا، إسبانيا 2005 ، كما كان لها شرف دخول عالم التدريب من أوسع أبوابها بتدريبها المنتخب الوطني و المجمع البترولي ، فضلا عن تجربة خارج الوطن مع المنتخب السعودي للسيدات في الجيدو مؤخرا.

نورية بنيدة مراح  … صاحبة آخر ميدالية ذهبية على الصعيد الأولمبي

نورية بنيدة مراح 
نورية بنيدة مراح

لا تزال أذهان الجمهور الجزائري تتذكر ما حققته العداءة الجزائري  المتخصصة في المسافات نصف الطويلة نورية بنيدة مراح التي  فازت بالميدالية الذهبية في سباق 1500 متر في ألعاب سيدني الأولمبية سنة 2000 ، حيث كانت تلك الميدالية الذهبية الأخيرة للرياضة النسوية في تاريخ المشاركات الجزائرية في الألعاب الأولمبية قبل أن يتوقف عداد ميداليات السيدات مع الأولمبياد عند صورية حداد في دورة بيكين 2008.

سليمة سواكري … رياضية برتبة وزيرة

سليمة سواكري
سليمة سواكري

سليمة سواكري إسم من ذهب توجتها الرياضة نجمة للجيدو وتوجتها “اليونيسيف” سفيرة للنوايا الحسنة، نظير الجهود التي تبذلها في المجال الخيري والتطوعي فصنعت بذلك نجاحها الذي لازالت تطمح إلى تعزيزه بألقاب رياضية كمدربة و مسيرة متميزة في مجال الاعلام الذي شقته من خلال برنامجها الاجتماعي “افتح قلبك” دون نسيان سردها لأبرز محطات حياتها في كتاب صدر سنة 2019 تحت عنوان حزام أسود و قلب أبيض المصارعة الدولية سابقا ،

حصدت 12 مرة اللقب القاري في وزن 52_كلغ متوجة نفسها ملكة الجيدو النسوي الافريقي دون منازع ، كما نالت المركز الخامس في الألعاب الأولمبية خلال ثلاثة مناسبات متتالية ، أطلنطا 1996 ، سيدني 2000 و أثينا 2004 ، بحيث لم يحالفها الحظ في التتويج بالميدالية الأولمبية في المناسبات الثلاث ،مثلما سبق لها و أن توجت بدورة باريس العالمية في 1997 ، انطلقت سليمة سواكري في مشوارها في الثمانينيات في سن مبكر إذ لم تكن تتجاوز آنذاك 10 سنوات، اختيارها للجيدو جاء من منطلق “رياضة العائلة”، إذ أن معظم أفراد عائلتها يمارسون هذه اللعبة، وبما أنها تملك بنية مورفولوجية قوية، اندمجت بسهولة في الجيدو وبدون تردد، خصوصا وأنها حظيت بمساندة كبيرة من قبل إخوتها· بعد فريق برج الكيفان المدرسة  التي انخرطت فيها سواكري لأول مرة ، بعدها تنقلت إلى اتحاد العاصمة الذي قضت معه أكبر فترة تجاوزت سبع سنوات، وفي 2005 التحقت بمولودية الجزائر التي ظلت وفية لألوانها لسنوات عديدة ، مثلما تحصلت سواكري على شهادة تقني سامي في الرياضة،

وهي تسعى من خلال هذه الشهادة إلى مساعدة الجيدو الجزائري، باهتمامها بالفئات النسوية الصغرى و تعتبر سليمة أول جزائرية عينت سفيرة لليونيسيف لحماية حقوق الطفل، و أول امرأة جزائرية تعين في هذا المنصب، و هي تعطي الأولوية للطفل الرياضي الذي كان أول اهتمامها منذ تقلدها هذا المنصب. كل هذا جعل مسيرتها تتوج بنيلها حقيبة وزارية ككاتبة الدولة مكلفة برياضة النخبة و مهتمة برياضيي النخبة خلال سنة 2020  و هي اليوم عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي للجيدو.

منير .ب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P