الأولىتحقيقات وروبورتاجات

تقتصر على الجري مسافات طويلة أو الدوران عشر مرات حول الملعب … التدريبات الشاقة بدون كرة أكثر الأخطاء الشائعة في رياضة كرة القدم

لا يمكن تصديق  أن هناك مدربين مازالوا إلى يومنا هذا  يطالبون لاعبي كرة القدم  بالجري مسافات طويلة أو الدوران عشر مرات حول الملعب ، في الحقيقة هكذا يتم تدريب عداء وليس لاعب كرة قدم ، لأن في  المباراة  اللاعب لا يجري باستمرار ،  بل  يركض لمسافات قصيرة بشكل متقطع ، و  يغير اتجاهه باستمرار ، كما يغير  سرعته ، و يتحرك للأمام وللخلف حسب مسار الكرة وإيقاع اللعب ، لو  راقبنا أي لاعب من صافرة البداية إلى النهاية لن نشاهد ركضا مستمرا  سنراه يمشي  ، يرتقي للكرات الهوائية  يحمي الكرة بكتفه وظهره ، ثم ينطلق بسرعة قصوى ، كما  يرتكز على إحدى الركبتين للتمرير أو التسديد ، هكذا يلزم أن تكون تدريباتنا يجب تأهيل اللاعب و تدريبه على هذه النقاط ، لأن التدريب ببساطة هو تمثيل تحضيري لما سنعيش بالمباراة القادمة من وضعيات .

كلما رأيت تدريبات ركض طويلة على خط مستقيم تأكد أنك لا تشاهد كرة قدم

كانت هذه إحدى العبارات الأقرب للحقيقة من لوريانو رويز مدرب  شباب نادي برشلونة السابق ، و الذي قال كلمته: ” إذا رأيت تدريبات ركض طويلة على خط مستقيم تأكد أنك لا تشاهد كرة قدم”  . لو  كان  لوريانو موجود الآن و شاهد  عندنا بعض الفرق الهاوية التي تصعد مرتفعات من الرمال الجافة لاستقال من هذه اللعبة ،  لأن  هذه اللعبة تتعلق أساسا بالكرة، تواجد الكرة أثناء التدريب ضروري لتطوير حركة اللاعب وسرعة تفكيره وهذا هو الأصح ،  في المباراة الكل يتحرك بناء على الكرة، حتى الحكم  ، لذا على أي مدرب كرة قدم أن تكون مرجعتيه الأساسية هي كرة فقط أثناء أي تمرين ،حتى في الإحماء  أن يركض اللاعبون لثلاثين دقيقة بدون كرة  ، فهي ثلاثين دقيقة ضائعة من التمرين ، لأن  بالكرة أنت تربح الجري زائد  التقنية معا و هذا هو الأساس.

الدكتور هوار عبد اللطيف أستاذ جامعي تخصص تدريب و تحضير بدني:” كل الدراسات التي أجريت على مباريات كرة  القدم  أكدت ضرورة العمل بمبدأ نتدرب مثلما نلعب “

الدكتور هوار عبد اللطيف
الدكتور هوار عبد اللطيف

” بالنسبة لهذا الموضوع  الذي تفضلتم به فهو مهم للغاية بإعتبار أن طرق التحضير، التي يعتمد عليها المدربون تلعب دورا مهما في تكوين اللاعبين  ، و حتى في تحقيق النتائج الرياضية ، فكل الطرق المعتمدة حديثا في العملية التدريبية تعتمد أساسا على تحليل متطلبات النشاط الرياضي الممارس، أي تحليل كل المجهودات التي تحتاجها مقابلة كرة القدم ،  أو بالأحرى المجهودات التي تتكرر بصفة دائمة خلال المقابلات، و من هنا تبدأ عملية التحضير في ظروف مشابهة للمنافسة إنطلاقا من مبدأ “نتدرب مثلما نلعب” . فحسب دراسة ألكسندر ديلال  سنة 2017 التي أجريت على مقابلات كرة القدم في المستوى العالي ، فإن اللاعب يجري حسب المنصب الذي يشغله ما بين 10 كلم و 13.8 كلم كمسافة كلية خلال المقابلة ،  منها ما بين 398.4 متر و 773.7 متر بسرعة عالية تصل إلى 21كلم/سا ، يمون فيها نبض القلب ما بين 80% إلى غاية 90% من النبض الأقصى ،  و يبقى من المهم جدا التمييز بين المسافات حسب أنواع الشداة  المبذولة خلال المقابلة ،  باستخدام قيم السرعة القصوى، فآخر التحاليل أثبتت أن الجري بشدة عالية جدا يمثل ما بين 8 إلى 12% من المسافة الكلية ، التي يجريها اللاعب أي  من 100% من السرعة الهوائية القصوى . و من جهة أخرى هناك بعض المجهودات الخاصة حسب مركز اللعب المشغول ، فاللاعب يقوم ما بين 1000 و 1400 جهد قصير المدة، منها 220 مجهودات عالية الشدة تتمثل في السرعات القصيرة، السرعات الطويلة المسافة التسارعات و  التباطؤات ، تغيير الإتجاه  فاللاعب يقوم بحوالي 79 – 146 تسارع بسرعات قصوى ما بين 22 حتى 33 كلم/سا  ، و يمكن الوصول حتى 37 كلم/سا و هذا ما حققه آريين روبن في مقابلة هولندا مع إسبانيا في مونديال 2014 ، و وصل سيرجيو راموس حتى 30كلم/سا بدون كرة ، بالإضافة إلى هذه المجهودات البدنية، يقوم اللاعب بعدد كبير من المهارات تحت ضغط المنافس ،  على شكل سلسلة (مراقبة-تمرير) و ذلك حسب وضعيته في الميدان ،  و بشكل دقيق فإن كرة القدم الحديثة تتميز بمدة استحواذ فردي على الكرة ما بين 41-84 ثانية  ، و عدد لمسات الكرة بين 1.74-2.26 بنسبة نجاح بين 75% و 81% حسب المنصب المشغول ، كل هذه المجهودات و الفعالية المهارية مرتبطة بعدة عوامل محيطة بالمقابلة، و مرتبطة أيضا بالتنشيط الدفاعي و الهجومي المطلوب من طرف الطاقم الفني، بنتيجة المباراة أيضا، و بدرجة التعب ، فمن خلال هذا التحليل البسيط للمتطلبات البدنية لنشاط كرة القدم، علينا نحن كمختصين إختيار الطرق التدريبية التي تشبه المنافسة سواء كانت بالكرة أو بدون كرة “.

” جل الأندية و المنتخبات الأوربية  تعتمد على الطريقة المدمجة في تحضير اللاعبين “

” كل الأندية و المنتخبات الأوربية  تعتمد على الطريقة المدمجة في تحضير اللاعبين و التي هي العمل على تدريب صفة بدنية مثل التحمل، السرعة ، القوة ضمن تدريب مهاري  أو تكتيكي ، فهذه هي الطريقة التي تستعمل حاليا في العملية التدريبية خاصة في مرحلة التكوين، حيث أن اللاعب الشاب همه الوحيد هو التعامل مع الكرة  ، و يمكنه العمل لفترات طويلة باستعمال الكرة عكس العمل بدونها، و من بين أشكال طريقة التدريب المدمج نجد طريقة الألعاب المصغرة  ، و التي يعتمد عليها  المدرب غوارديولا  بصفة كبيرة في تحضير اللاعبين ، و تسمى أيضا طريقة التدريب بالألعاب و هي عبارة عن مواجهة عددية بين اللاعبين قد تكون متوازنة أو غير متوازنة ،  في مساحات مصغرة تضبطها مجموعة من القواعد ، تجمع بين الأهداف البدنية و التقنية و التكتيكية و حتى النفسية و الذهنية في آن واحد و يظهر دورها في  تحفيز اللاعبين نفسيا و هذا مهم جدا ، طبيعة اللعب في مساحات صغيرة يضع اللاعبين في وضعيات حقيقية للمنافسة ، إمكانية العمل التكتيكي من خلال الضغط و  المراقبة، التحول الدفاعي و الهجومي …الخ ، القيام بمجهودات فيزيولوجية و بدنية تشبه مجهودات المقابلة ، هذه الألعاب تتمثل في مواجهات من 1 ضد 1 إلى غاية 10 ضد 10 حسب الهدف المسطر من طرف المدرب، و يمكن التحكم في شدة العمل فيها من خلال مجموعة من القواعد تتمثل في عدد اللاعبين، مساحة اللعب و  عدد لمسات الكرة مع ضرورة وجود الحارس،  كل هذا بتنشيط المدرب وقت العمل و وقت الراحة ، و هناك عدة نماذج يمكن العمل عليها مثل نموذج نيسك بروود   المستخدم في نادي  تشيلسي و باريس سان جيرمان ،  و نموذج ألكسندر مارلس  المستخدم مع فريق أولمبيك ليون و باريس سان جيرمان ،  و كل نموذج من هاته النماذج يحدد مساحة اللعب لكل لاعب حسب الصفة التي يريد المدرب تطويرها  و كنقطة مهمة جدا في هذه الطريقة، فإن التحكم في شدة العمل يكون صعبا، و لهذا يجب إستخدام أجهزة الجيبياس  من أجل معرفة عدد التسارعات و عدد التباطؤات،  و مسافات الجري في شداة مختلفة  “.

”  رؤساء الأندية الجزائرية مطالبين بتوفير محضر البدني سواء في فريق الأكابر أو الفئات الشبانية “

” و في النهاية يجب على المدربين سواء  في الفئات الشبانية أو الأكابر ، أخذ بعين الاعتبار هذه الطرق الحديثة في تحضير اللاعبين ، لأنها تساهم بشكل فعال في رفع الإنجاز الرياضي لدى اللاعبين، بالإضافة إلى تحيين المعلومات سواء  من خلال التربصات أو القراءة الدائمة ، و كنقطة مهمة أيضا على رؤساء النوادي توظيف محضرين بدنيين ذوي الإختصاص ،   ضمن الأطقم الفنية، لأنهم يعرفون ما يقومون به في عملية التحضير البدني ، و عدم الاعتماد على محضرين بدنيين في تخصصات أخرى ليس لها علاقة بكرة القدم “.

إعداد: نبيل شيخي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P