تحقيقات وروبورتاجات

لاعبون أبطلوا مقولة الكرة والدراسة خطان لا يلتقيان

يصعب على لاعبي كرة القدم في العالم بصفة عامة والجزائر بصفة خاصة، التوفيق بين التحصيل الدراسي، ومسيرتهم الإحترافية، خصوصا بالنسبة للاعبي فرق النخبة، إلا أن هناك حالات ولو أنها قليلة، إلا أنها صنعت الاستثناء، وكسرت المقولة الشهيرة، الكرة والدراسة خطان لا يمكن أن يلتقيان، حيث نجحوا في التوفيق بين كرة القدم، وبين حياتهم الدراسية، وباتوا لاعبين مشهورين، وفي نفس الوقت حاملين لشهادات جامعية في تخصصات مختلفة، أبرزها الطب والهندسة والصيدلة والمحاماة والصحافة وغيرها.

عالم الإحتراف قلص حظوظ الكثيرين في الدراسة

ومع كثرة التزامات لاعبي كرة القدم مع فرقهم، وكثافة برنامج التدريبات والمباريات التي يفرضها عالم الاحتراف، تتقلص الفرص أمام الكثير منهم  لمتابعة حياتهم الدراسية، وهو ما يجعلهم يفضلون التركيز في عالم الكرة، الذي يمنح الشهرة والمال على الالتزام بمقاعد الدراسة، وهو ما جعل غالبية الأسماء المعروفة لا تنجح في تحقيق تحصيل علمي مقبول، ويكفي أن الغالبية القصوى للاعبي الرابطة المحترفة، لا يتعدى مستواهم المرحلة المتوسطة، بل توجد الكثير من الأسماء قد غادرت مقاعد الدراسة، دون نيل حتى  شهادة التعليم الابتدائي، وهو ما أوقعهم في حرج كبير خلال مشوارهم الاحترافي، إذ وجدوا صعوبات جمة في مواكبة متطلبات الاحتراف.

فرقاني وبن ساولة صنعا الإستثناء من عناصر الجيل الذهبي

شهدت كرة القدم الجزائرية على مر التاريخ، نجاح عدة لاعبين في التوفيق بين ثنائية التميز الدراسي والتألق الرياضي، وفي مقدمتهم عناصر الجيل الماضي، التي صنعت الامتياز، خلال مونديالي 1982 و1986،  ويتعلق الأمر بقائد «أوركسترا» مباراة الخضر وألمانيا علي فرقاني، الذي حقق إنجازات كبيرة في عالم كرة القدم، سواء مع النوادي التي حمل ألوانها أو المنتخب الوطني الذي دون اسمه ضمن كتيبته المفضلة، كما حقق الاستثناء في المجال الدراسي، بعد جصوله على شهادة مهندس معماري في نهاية السبعينيات ، إضافة إلى زميله القناص تاج بن ساولة  سابع هدافي المنتخب الوطني عبر التاريخ برصيد 19هدفا،  حيث حصل إبن مدينة عين تموشنت على دبلوم ليسانس في العلوم، مكنه من الاشتغال  به كمدرس ثانوي في مادة العلوم الطبيعية بمدينة وهران بعد الاعتزال.

تاسفاوت ومضوي لم يهملا الجامعة رغم النجومية

ولم يمنع النجاح الرياضي أحد الهدافين التاريخيين  للمنتخب الوطني بعد إسلام سليماني، إبن مدينة الباهية وهران ،  عبد الحفيظ تاسفاوت، من مواصلة دراسته، حيث تحصل على دبلوم تخصص هندسة مدنية،  على غرار لاعب آخر بزغ نجمه في الملاعب في نفس فترة تاسفاوت، كان له نصيب من العلم والمعرفة، رغم التزاماته الرياضية الكثيرة، سواء مع أنديته أو المنتخب الوطني الذي تقمص ألوانه في عدة مناسبات، ويتعلق الأمر بالمدرب الحالي لمولودية وهران خير الدين مضوي، الحاصل على شهادة ليسانس في الاقتصاد وأخرى في الانجليزية.

خديس وبوقاش أمثلة نجاح عن جيل الألفية

بداية الألفية عرفت دخول مجموعة من  المثقفين والمتفوقين في الميدان العلمي والمعرفي، عالم الكرة المستديرة  حيث كافحوا وناضلوا لنيل أعلى الشهادات والمراتب، غير مبالين بالارتباطات المفروضة من أنديتهم، بداية بلاعب النصرية السابق سيد أحمد خديس الحاصل على دبلوم في  الإعلام والاتصال والحاج بوقاش الناشط حاليا مع فريق نجم بن عكنون ، الحاصل على  شهادة مهندس في الأشغال العمومية، إضافة إلى عدة أسماء أخرى نشطت في عدة أندية خلال السنوات الماضية، موازاة مع دراستها في الجامعات الجزائرية.

…  وبونوة وكاف النمر وسرير وبرياح وأقاسم من الجيل الحالي

 تاريخ لاعبي كرة القدم، الذين نجحوا في التوفيق بين مسيرتهم الكروية، ومشوارهم الدراسي، إمتد للاعبي الجيل الحالي، ولعل أبرز مثال على ذلك، لاعب شباب باتنة السابق والحالي لإتحاد خنشلة، صابوني الحاصل على شهادة الطب، وصانع ألعاب جمعية الشلف بونوة رضوان الذي تحصل الصيف الماضي على شهادة دكتوراه في الصيدلة، ولاعب شبيبة الساورة أقاسم ريان، وقلب هجوم وداد تلمسان كاف النمر محمد ، الحاصل هو الآخر على شهادة دكتوراه في الصيدلة هو الآخر، ومتوسط ميدان جمعية الشلف والمنتخب الوطني لأقل من 23 سنة سرير إلياس المتحصل على شهادة ليسانس في الحقوق من  جامعة الشلف، ومهاجم مولودية الجزائر  وهداف المنتخب الوطني لأقل من 20 سنة مسلم أناتوف، ولاعب مولودية البيض برياح عز الدين الحاصل على شهادة ماستر في الإقتصاد،  على وأسماء أخرى، تسير على الدرب أملا في النجاح المزدوج الرياضي والدراسي .

بونوة (لاعب جمعية الشلف والحاصل على دكتوراه في الصيدلة):“بالإرادة نجحت في التوفيق بين الدراسة وكرة القدم  “

بونوة رضوان
بونوة رضوان

جريدة ” بولا” اختارت خريج مدرسة إتحاد بلعباس وصانع ألعاب جمعية الشلف حاليا بونوة رضوان، الحاصل على دكتوراه في الصيدلة من جامعة سيدي بلعباس، حيث قال عن هذا التحدي والنجاح في التوفيق بين كرة القدم والمشوار الدراسي:” الصيدلة وكرة القدم، كانا هدفين لي منذ الصغر، حيث كبرت مولعا بحب كرة القدم، موازاة على تأثري بوالدي المهندس المعماري الذي أصر على ألا أتخلى عن الدراسة من أجل كرة القدم، وهو ما جعلني مطالب بالعمل على التوفيق بين الجانبين، حيث كانت المهمة سهلة نسبيا في الفئات الصغرى، ولكن مع الوصول إلى الأكابر، المهمة بدأت تصعب، خصوصا بعد تنقلي إلى تلمسان للعب مع الوداد المحلي، وبعدها إلى فريق جمعية الشلف، ولكن والحمد لله بالإرادة والعزيمة، وخصوصا مساعدة الأساتذة ومسؤولي قسم الصيدلة في جامعة سيدي بلعباس، وتفهم مسؤولي الفرق التي لعبت في صفوفها، تمكنت من الحصول الصيف الماضي على شهادة دكتوراه في الصيدلة، وأنا الآن مركز مع فريقي جمعية الشلف، أين أطمح للعودة بقوة والبروز معه هذا الموسم، ولم لا الاحتراف والوصول إلى المنتخب الوطني إن شاء الله.”

كاف النمر (لاعب وداد تلمسان والحاصل على دكتوراه في الصيدلة):“الشهادة هي ضمان للمستقبل

كاف النمر
كاف النمر

اللاعب الثاني الذي اختارت ” بولا” نقل تجربته في التوفيق بين كرة القدم ومشوارهم، كان قلب هجوم وداد تلمسان الحالي وخريج مدرسة إتحاد مغنية كاف النمر محمد الحاصل على شهادة دكتوراه في الصيدلة هو الآخر، حيث قال :” الدراسة ولعب كرة القدم، كان خياري أنا شخصيا وبعدها الوالدين الكريمين اللذين ساعدانا كثيرا في رفع التحدي والنجاح فيه، حيث كانت البداية بحصولي على المعدل اللازم في شهادة الباكالوريا الذي سمح لي بدخول كلية الصيدلة في جامعة تلمسان، أين درست السنة الأولى والثانية بالموزاة مع تقمصي ألوان رديف وداد تلمسان، قبل أن اطلب التحويل إلى جامعة الجزائر العاصمة، تزامنا مع توقيعي لصالح رديف إتحاد العاصمة وبعدها في أكابر شبيبة بجاية، أين أكملت الأربعة سنوات المتبقية بصعوبة كبيرة، خصوصا لما تنقلت للعب إلى بجاية، أين كنت مضطرا للذهاب عدة مرات في الأسبوع إلى العاصمة للدراسة والعودة إلى بجاية للتدرب مع الشبيبة ولعب المباريات، والحمد لله على كل حال نجحت في رفع التحدي بالحصول على شهادة الدكتوراه في السنوات اللازمة ودون إعادة أي سنة دراسية.” وأضاف:”حياة لاعب كرة القدم قصيرة، وغير مضمونة، ومثال على ذلك لاعبون كبار حطمتهم لعنة الإصابات، وآخرون لم تسمح لهم الظروف بالمواصلة وآخرون تعرضوا للتهميش والحقرة، وبالتالي الشهادة هي ضمان للمستقبل، سواء في حال عدم تحقيق مسيرة كروية كبيرة، أو بعد نهايتها.”

سرير (لاعب جمعية الشلف و الحاصل على ليسانس في الحقوق):“إلتزاماتي الكروية جعلتني أتوقف عند شهادة الليسانس

سرير بوعلام عبد الغني
سرير بوعلام عبد الغني

اللاعب الثالث الذي إختارته جريدة ” بولا” هو النجم الصاعد في فريق جمعية الشلف والمنتخب الوطني الاولمبي سرير بوعلام عبد الغني ، المتحصل على شهادة ليسانس في الحقوق من جامعة الشلف، حيث قال:  “مهمتي في التوفيق بين الدراسة وكرة القدم، لم تكن سهلة على الإطلاق، خصوصا بعد ترقيتي للفريق الأول لجمعية الشلف، أين كثرت الإلتزامات، سواء التدريبات اليومية، أو المباريات الرسمية، وحتى التربصات، وهو ما جعلني أقرر أن أنهي مسيرتي الدراسية، بعد حصولي على شهادة الليسانس في الحقوق، حتى أتفرغ بشكل نهائي لكرة القدم، وفريقي جمعية الشلف، الذي أطمح للبروز معه أكثر، ولم لا الاحتراف خارج الوطن وتقمص ألوان المنتخب الأول  والسير على خطى ابن مدينة الشلف هلال سوداني.”

 تصنيف الطالب الرياضي الجامعي مكسب جديد للاعبي النخبة

 نجاح الأسماء التي سردناها آنفا في التوفيق بين المشوار الكروي والمشوار الدراسي، لم يكن سهلا على الإطلاق، خصوصا في الاختصاصات المعقدة، مثل الهندسة والصيدلة والطب، بالنظر إلى الصرامة المتعامل بها في النظام الدراسي والتي تستوجب الحضور الإجباري في الجامعة، على كل الطلبة دون استثناء، وهو الأمر الذي يمكن القول بأنه بات سهلا على الطلبة الرياضيين الحاليين، بعد إصدار وزير التعليم العالي والبحث العلمي كمال بداري قرارا يحمل رقم 205 مؤرخ في 23 أكتوبر 2023،  يحدد مفهوم ومستويات الطالب الرياضي الجامعي وحقوقه وواجباته في 23 مادة، حيث  سيستفيد الطلبة الرياضيون، بصفة عامة،  والطلبة الذين يمارسون كرة القدم في الأندية الجزائرية بمختلف أقسامها من تسهيلات كثيرة، فيما يخص مواقيت الدراسة والامتحانات بما يتناسب مع برامج تدريباتهم مع أنديتهم وحتى معسكراتهم التحضيرية، حيث يهدف هذا القرار إلى تشجيع الرياضيين على مواصلة مشوارهم الدراسي بالموازاة مع مشوارهم الرياضي.

مصطفى غانمي (مدير النشاطات الثقافية والرياضية والعليمة بجامعة تلمسان):“القرار الوزاري جاء لتشجيع الرياضيين على مواصلة الدراسة

مصطفى غانمي
مصطفى غانمي

بغية تسلط الضوء أكثر على القرار الأخير لوزارة التعليم العالي، فيما يخص الطلبة الجامعيين الرياضيين، كان لجريدة “بولا” حديث مع المدير الفرعي للنشاطات الثقافية والرياضية والعلمية بجامعة تلمسان مصطفى غانمي، حيث قال في هذا الخصوص: “الحمد لله على كل حال، هذا القرار جاء ثمرة عمل عدة ورشات، مزودجة منذ الصيف الماضي بين وزارة التعليم العالي ووزارة الشبيبة والرياضة، بمشاركة الفاعلين الأساسيين في الميدان، من كلا الوزارتين، حيث تمت صياغة هذا القرار بالإجماع، ورفعه إلى وزارة التعليم العالي، الذي اعتمدته رسميا في مرسوم وزاري، ب23 مادة، يحدد مفهوم الطالب الرياضي الجامعي ومستوياته وكذلك حقوقه، حيث جاء هذا القرار، خدمة للطلبة الرياضيين وتشجيعا لهم على مواصلة الدراسة في الجامعة بالموازاة مع نشاطاتهم الرياضية، سواء الفردية أو الجماعية.”  وأضاف: “كمسؤولين في الميدان، عملنا على منح الرياضيين، بمختلف اختصاصاتهم، كل التسهيلات حسب المستطاع في السنوات الماضية، حتى يوفقوا بين مشوارهم الدراسي والرياضي، ولكن ترسيم هذا القرار، يجعل هذه التسهيلات رسمية، وفق مرسوم وزاري، هو حماية لنا كمسؤولين وإضافة كبيرة بالنسبة للرياضيين، بهدف واحد، وهو تطوير مستوى الرياضة الجزائرية من خلال الطلبة الرياضيين الجامعيين.”

“هذا ما هو مطلوب للحصول على صفة الطالب الرياضي الجامعي”

وعن كيفية استفادة الرياضيين ولاعبي كرة القدم خصوصا من مزايا المرسوم الرياضي الخاص بالطالب الجامعي الرياضي، قال غانمي مصطفى: “كل طالب رياضي مطالب بالتقدم إلى مصالح المديريات الفرعية للنشاطات الثقافية والرياضية على مستوى الجامعات الجزائرية، لملأ استمارة طلب الحصول على صفة الطالب الجامعي، التي تتضمن معلومات شخصية و معلومات بيداغوجية، ومعلومات رياضية، للطالب الرياضي، وهي الاستمارة التي سيتم على إثرها  وضع اسم اللاعب ضمن الأرضية الرقمية الوطنية المخصصة لهذا الأمر، وبعدها منح صفة الطالب الرياضي الجامعي والاستفادة من كل المزايا المحددة في المرسم الوزاري.”

حمزة.ع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P