الراحل سمير حجاوي … مسيرة حافلة وإسم محفور بأحرف من ذهب
في شهر ماي الماضي فقدت الساحة الرياضية واحدا من الأسماء الرياضة التي خلدت تاريخها بأحرف من ذهب سواء بإنجازاته أو بأخلاقه وانضباطه داخل أرضية الميدان. ” سمير حجاوي” خبر رحيله كان بمثابة الصاعقة علي الأسرة الرياضية عبر مختلف مناطق الوطن و ليس بمسقط رأسه تلمسان فقط. فالمتتبع لجنازته يعرف قيمته عند الجمهور الجزائري، حشود غفيرة من الجماهير، أنصار الأندية التي لعب لها وصنع أفراحها، جيران أقارب، أحباب صحافة.. كلهم غصت بهم مقبرة سيدي السنوسي بتلمسان، وقبلها ملعب العقيد لطفي الذي شاءت الأقدار أن يخرج منه ” حجاوي” أين أقيمت صلاة الجنازة على روحه الطاهرة بأرضيته وهو الملعب الذي بدأ مشواره في بمداعبته للكرة من بوابة وداد تلمسان، نظرا للحشد الكبير الذي أبى إلا أن يصلي أخر صلاة على جثمان الفقيد ويترحم عليه، ولعل ذلك من مظاهر القبول، فليس من باب الصدف أن نرى جنازة بهذا الكم الهائل من المصلين والمكبرين والمتضرعين لله سبحانه وتعلى أن يرحم الفقيد. قبلها التضامن الكبير الذي لقيه ابن ولاية تلمسان بعد اعلانه عن مرضه، فقد هبت كل الأطراف للوقوف معه بغية نقله للخارج من أجل العلاج أين بدأت مسيرته في مكافحته للمرض الخبيث، شهر ديسمبر الماضي بغية استئصال ورم على مستوى الكتف بعد تكفل وزارة الشبيبة والرياضة بوثائق نقله للخارج من أجل العلاج في رحلة جوية خاصة انطلاقا من مطار ميصالي الحاج بزناتة، بغية الخضوع لعملية جراحية لكن الأجل شاء أن يغادر الحارس السابق لوفاق سطيف تاركا وراءه مشوارا حافلا، مع جميع الأندية التي تقمص ألوانها.
7 محطات مر بها حجاوي في مشواره
إن المتتبعين لمسيرة الراحل حجاوي يجمعون أنه من بين الحراس النادرين الذين أنجبتهم الجزائر. فرغم قصر مسيرته التي فضل أن يضع لها حدا وهو لا يزال في أوج عطائه، حيث اعتزل الثلاثينات من عمره، فإن الراحل مر بمحطات يمكن القول أنه من بين المحطات التي يتمنى اي لاعب جزائري المرور بها، لا لشيء إلا لأنه قد تقمص ألوان أعرق الأندية الجزائرية وأقوها في تلك الفترة. بداية بوداد تلمسان، أولمبي الشلف، شباب بلوزداد، وفاق سطيف وشبيبة القبائل، ليعود إلى الزرقاء قبل أن يغادر اتجاه شباب قسنطينة ثم نادي باردو.
اعتزل في أوج عطائه
رغم مروه بأعرق الأندية الجزائرية والتي رسم خلالها اسمه في تاريخ الكرة الجزائرية بأحرف من ذهب، إلا أن الفقيد حجاوي فضل أن يضع القفازين وهو في أوج عطاءه، حيث اعتزل عالم حراسة المرمى وهو في السن الـ 33. تعجب المتتبعون آنذاك عن سر وضعه لمسيرته، إلا أن الفقيد كان قد أعلنها بصراحة في أحد حواراته مع جريدة رياضية، أين كشف السبب الذي دفعه به إلى الاعتزال مشيرا أنه لم يرغب البقاء في وسط كروي متعفن، مفضلا الاقتراب من أهله والتفرغ لعائلته.
أولمبي الشلف محطة البروز
صحيح أن الفقيد سمير حجاوي قد بدأ مسيرته في مدرسة وداد تلمسان التي تخرج منها وتعلم أبجديات الدفاع عن المرمى فيها على يد مجموعة من المدربين على رأسهم مراد حبي، أين احتك بأحسن الحراس آنذاك بداية من عاصمي، مزاير، زيتوني وفتحي، ليغادر وهو في ريعان شبابه إلى أولمبي الشلف وهناك سطع نجمه مع الجوارح. فحجاوي انتقل إلى عاصمة الونشريس من أجل اجراء التجارب، كأي حارس شاب وهناك لم يرغب في اشتراط مبلغ مالي كبير وهو الأمر الذي أدهش المدرب سلماني سيد أحمد الذي كان سببا في انتقاله إلى الشلف حيث كان هدفه الأساسي هو الوصول إلى أعلى المستويات، وليس جمع المال. وهو سر نجاح مع الأولمبي حيث أصبح قطعة أساسية في الفريق رغم وجود خيرة من الحراس.
تجربة السياربي لم تكن طويلة
بعد تألقه في عاصمة الونشريس التي كانت بمثابة بوابة دخول عالم الشهرة، غادر الراحل أولمبي الشلف وفي جعبته كأس الجمهورية سنة 2005، نحو شباب بلوزداد، الذي خاض معه تجربة قصيرة كانت بمثابة نقطة عبور. حيث حرمه تفاقم الإصابة من اللعب طويلا لأبناء العقيبة الذي بقي معه لموسم واحد فقط.
حجاوي حلق في سماء عاصمة الهضاب
عدم نجاح تجربة بلوزداد لم تحد من عزيمة الراحل، بل على العكس قد فتحت له باب التحليق في سماء الهضاب العليا مع النسر الأسود وفاق سطيف، أين حصد لقب البطولة سنة 2007 وكأسي العرب بعد مواسم عجاف لم يستطع من خلالها ابناء عين الفوارة العودة إلي الواجهة. مع جيل جحاوي، حاج عيسى، بورحلي والبقية، الذين عرفوا كيف يدعموا خزينة النادي ببطولتين عربيتين بالإضافة إلى لقب البطولة الوطنية في 2009، ليرحل إلى شبيبة القبائل بعد مشوار ثري كسب فيه قلوب السطايفية الذين اعتبروه من بين أحسن الحراس الذين مروا على الكحلة والبيضة أو بالأحرى أفضلهم.
نادي باردو آخر محطة لسمير
بخزينة غنية بالألقاب، غادر سمير حجاوي وفاق سطيف، نحو شبيبة القبائل بعد إصرار من الرئيس الراحل محند شريف حناشي الذي كانت تربطه علاقة وطيدة بالمرحوم والذي وصفه في أحد تصريحاته بالزعيم. حيث شبه رحيله عن جياسكا في حوار مع صحفية لوبيتور برحيل الزعيم العراقي صدام حسين عن العراق. بعد تجربة في شبيبة القبائل، عاد حجاوي إلى فريقه الأصلي وداد تلمسان سنة 2010 في موسم كان فيه الفريق يتخبط في المشاكل، ليغادر بعدها إلي شباب قسنطينة ليعود إلى وداد تلمسان ويختتم مسيرته كلاعب مع نادي بارادو، مشواره مع الأندية.
مباراة الأرجنتين ذكرى راسخة في مشواره
تألق الراحل سمير حجاوي مع أنديته كان سببا في مسيرة لا بأس بها قدمه الراحل مع المنتخب الوطني رغم وجود أسما ثقيلة كالحارس قواوي وبن حمو، أين استدعي المنتخب الوطني 3 مرات، ولعب أساسيا لقاء الأرجنتين بملعب كامب نو ببرشلونة يوم 5جوان 2007، وقد اعتزل الفقيد ميدان حراسة المرمى كلاعب وهو لا يزال في أوج عطاءه، ويضع القفازات في سن الثلاثينات.
دخل عالم التدريب من بوابة بلعباس
على الرغم من تواجده مع الطاقم الفني لوداد تلمسان رفقة الدولي لخضر بلومي موسم 2014، قبل أن ينسحب لأسباب معروفة وهي المشاكل التي كانت تعيق الفريق، فإن الراحل دخل عالم التدريب أين أشرف علي تدريب حراس مرمى غليزان و إتحاد بلعباس، ليحرمه المرض من مواصلة المسيرة أين دخل في رحلة العلاج ليغادرنا في السن 42، تاركا وراءه مسيرة محفورة بأـحرف من ذهب في القلوب. “رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته”.
من إعداد: ياسين