إريك(بلال) أبيدال .. اللاعب المسلم الذي قهر السرطان.. قراءة الفاتحة سر تألقه في المباريات

في إحدى مباريات موسم 2008، خاض فريق برشلونة مباراة قوية في «الليغا» والتي تصادف إقامتها في نهار أحد أيام شهر رمضان الكريم، يومها أصر المدافع الأيسر الفرنسي أريك أبيدال أو «بلال» على خوض اللقاء وهو صائم، وعلى الرغم من تحذيرات الجهاز الطبي له نظراً لإجرائه عملية جراحية من أجل استئصال ورم خبيث من كبده، إلى جانب ارتفاع حرارة الجو وحاجة جسمه إلى الماء والسوائل، إلا أنه رفض الانصياع لتحذيرات طبيب الفريق، وقال: سأصوم في تلك المباراة هذا قراري النهائي ولا رجعة فيه. يومها، قال عنه زميله المدافع البرازيلي داني الفيش: أبيدال متدين بشدة ويعمل بحرص من أجل الظهور بشكل طيب يليق بدينه، لهذا فقد رزقه الله القوة والشجاعة ليستطيع أن يكمل حياته في مجال كرة القدم أو خارجه. إنه لاعب «البارسا» الذي هزم السرطان بالهدف القاتل، والرياضي المسلم الذي يؤكد بكل فخر أن قراءة فاتحة الكتاب هي سرّ تألقه على أرض الملاعب.

بلال.. إريك  أبيدال

هو الفرنسي «ايريك ابيدال» نجم فريق برشلونة الإسباني السابق، الذي أطلق على نفسه اسم بلال بعد إسلامه، من مواليد يوليو 1979 بمدينة ليون الفرنسية، بدأ مسيرته الاحترافية عام 2000 في نادي موناكو، ومنه إلى نادي ليل، قبل أن يعود إلى مسقط رأسه للعب في نادي ليون، الذي حقق معه لقب الدوري، قبل أن ينتقل إلى صفوف برشلونة الإسباني في عصره الذهبي. متزوج منذ عام 2007 من الفتاة عربية الأصل «حياة» والتي ولدت وترعرعت معه في مدينة ليون الفرنسية، وسبق لها خوص العديد من مسابقات ملكات الجمال في بلادها، وهناك اختلاف في التقارير الإعلامية حول أصول «حياة ابيدال»، فالبعض يقول إن أصولها مغربية في حين يقر آخرون بأنها جزائرية، ولكن الأكيد أنها كانت سببا في تحوله إلى الإسلام حسب ما كشف اللاعب بنفسه.

قصته مع زوجته حياة 

تعرف على زوجته المسلمة «حياة» في عمر التاسعة عشرة قبل أن تنشأ بينهما قصة حب عن بعد، حيث لم يكن يتجرأ على الحديث معها لأن والدها كان يمنعها من التحدث إلى الرجال، وهو الشيء الذي استرعى انتباهه ووجده جديداً في المجتمعات الأوروبية، والتي ترى أن العلاقة بين الشاب والفتاة طبيعية ولا ضرر منها، عكس المجتمع الإسلامي المحافظ الذي يربط أي علاقة بينهما عن طريق الزواج الشرعي. عدا ذلك فكل الأمور تدخل في إطار المحرمات. من هنا بدأت أولى خطوات «ابيدال» للتعرف إلى الإسلام، والذي كان يعرف القليل عنه من زملائه المسلمين المهاجرين أصحاب الأصول العربية والإفريقية، والذين أحبهم نظراً لتمتعهم بالخلق الطيب والأسلوب المهذب حسب قوله، يحكي النجم الفرنسي عن تلك الفترة قائلاً: عندما قررت التقدم للزواج من «حياة» كان الشرط الوحيد هو اعتناقي الإسلام، من هنا بدأت علاقتي بالدين الحنيف بعد أن أصبحت أكثر وعياً بالتفكير في حياتي، وبالفعل تحولت شيئاً فشيئاً إلى دراسة الإسلام، وبعد تفكير طويل وعميق اتخذت أجمل قراراتي على الإطلاق وبفضله أعيش حياتي بلا تعصب والقرآن الكريم لا يفارقني أبداً، وصدقوني، لم أعتنق الإسلام لأن زوجتي «حياة» مسلمة ولكن بسبب قناعتي الشخصية بدين الإسلام العظيم.

مواقف تحسب للفرنسي المسلم …

ومن المواقف التي تُحسب للنجم الفرنسي، ظهير أيسر فريق برشلونة الإسباني الأسبق، عندما أبدى غضبه بسبب الفيلم المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم والذي تم عرضه بالولايات المتحدة الأميركية، ولقي استهجان المسلمين في كل بقاع الدنيا، يومها صرح أبيدال لصحيفة «ماركا» الإسبانية قائلاً: “محمد رسول الله هو أشرف خلق الله، ولا يجوز تشويه صورته بهذا الشكل، وأنا فخور باعتناق دين محمد وأفتخر بهذا الأمر، وأعلنها للجميع سأظل أدافع عن الرسول الكريم وعن الدين الإسلامي حتى ألقى وجه الله عز وجل”. نزلت تلك الردود برداً وسلاماً على عشاق أبيدال في الدول الاسلامية، حينها عرفوا أن هناك بطلاً جديداً ونجماً، يستحق أن يتشرفوا به ويفخروا بشخصيته في الحياة قبل إبداعاته في المستطيل الأخضر، ومنذ إعلان إسلامه استحق بالفعل أن يكون أحد أبرز اللاعبين الملتزمين دينياً وأخلاقياً، حيث كان يحرص على قراءة الفاتحة قبل المباريات، ودائماً ما كان يُردد الأذان والمصحف الشريف لا يفارق يده.

إنتقاله إلى برشلونة قادما من ليون

في يونيو عام 2007، انتقل «أبيدال» إلى العملاق الكتالوني برشلونة مقابل 15 مليون يورو، وأجبر مستواه مدربه «غوارديولا» على احترام تقاليد وعادات دينه، لذا لم يتردد النادي العملاق في دفع هذا المبلغ الكبير من أجل التعاقد مع النجم الفرنسي الذي تألق في صفوف منتخب بلاده في نهائيات مونديال 2006، وفي صفوف فريقه ليون في المواسم الأخيرة. وفي سؤال لماذا اختار برشلونة على الرغم من العروض التي تلقاها من أندية عريقة أخرى مثل ريال مدريد الإسباني وليفربول الانجليزي قال ابيدال: «بكل بساطة إنه الفريق الذي كنت أحلم بالدفاع عن ألوانه منذ صغري وقد تحقق لي هذا الأمر وعندما تلقيت العرض لم أتردد لحظة واحدة». وتابع يملك الفريق كل ما يحلم لاعب كرة القدم المحترف، الإمكانيات والمدرب والجمهور والإدارة المحترفة بالإضافة إلى ملعب «كامب نو» الذي يعتبر قلعة كروية بحد ذاته. “باختصار الدفاع عن ألوان برشلونة له مذاق خاص، لا سيما وأن طموحات النادي تتطابق مع أهدافي في حصد الألقاب وهذا الأمر لعب دوراً أساسياً في اختياري التوقيع على كشوفاته”.

صراعه مع السرطان وهكذا تغلب عليه

في مارس 2011 اكتشف «أبيدال» إصابته بورم سرطاني في الكبد، وأجرى عملية جراحية لاستئصال الورم، وسط تكهنات بعدم عودته للملاعب مرة أخرى. وفي مارس 2012، أظهرت الفحوص الطبية التي كان يخضع لها أبيدال على مدار عام كامل، حاجته لزرع كبد، وأجرى العملية بنجاح بعد تبرع صديقه بجزء من كبده له، وهو ما تسبب في ابتعاده عن المشاركة مع ناديه ومنتخب بلاده في «يورو 2012»، ليرفع لاعبو البارسا قميصه على كأس ملك إسبانيا، بعد الفوز باللقب، إلى جانب التتويج الخاص بعد الفوز بدوري الأبطال على حساب «مان يونايتد» وتفويض «ابيدال» لاستلام الكأس بدلاً عن قائد الفريق «بويول» وسط فرحة جنونية غلبت عليها دموع الفرنسي الرائع.

محطات في مشواره 

ولد إيرك أبيدال في 11 سبتمبر 1979 في مدينة ليون الفرنسية، وفي عام 2007 تزوج من لاعبة الجمباز السابقة الجزائرية الأصل (حياة كبير) وأنجب منها طفلتين هما ميليانا وكاميلا. في 30 يونيو 2007 وافق على الانتقال إلى نادي برشلونة مقابل 15 مليون يورو بعدما هدد مسؤولي نادي ليون بعدم العودة إلى التدريبات إذا لم تنجح الصفقة. حصل على 4 ألقاب للدوري الإسباني مع برشلونة كما شارك في فوز الفريق الكتالوني ببطولتي دوري رابطة الأبطال الأوروبي عامي 2009 و2011. في مارس 2011 تعرّض إلى ورم في الكبد وفي الـ 17 من الشهر نفسه قام بإجراء عملية استئصال للورم وتكلّلت بالنجاح على حسب ما أعلنه مسؤولو نادي برشلونة وقتها. شارك في 40 مباراة دولية مع منتخب فرنسا الذي انضم إليه للمرة الأولى عام 2004، ومن أبرز البطولات الدولية التي شارك بها مونديالا 2006 و2010.

نورالدين عطية