إيمان بلمداني كاتبة وصاحبة قصة “أنثى نبضها حكاية”: ” خلال الحجر ولجت عالم النشر والمشاركة في المسابقات وطباعة أعمالي الأدبية “.
بداية نود من ضيفتنا الكريمة التعريف بنفسها للجمهور.
” إيمان بلمداني كاتبة جزائرية توّاقة للأدب مهمومة بقضايا المجتمع وشغلتها مشاكله وهمومه فجرفت للأدب ،وهناك قضايا أريد من خلالها الوصول إلى وجدان وعقل القارئ فلم أجد أفضل من الدعوة لعودة القيم الإنسانية ،فهي قضيتي الأولي والأخيرة، فعودة تلك القيم ستغير واقع المجتمعات وستجمل وجه العالم، وبغرس هذه القيم وبعثها من جديد سيسود السلام العالم، فالإنسان هو أساس كل تغيير، وكم سيكون جميلاً أن نغير عالمنا للأفضل والأجمل “.
كيف بدأت الكتابة وكيف دخلت عوالمها أو من شجعك على ذلك؟
“عندما بدأت أحسّ بتناغم مشاعري وأحاسيسي مع أذنيّ لدى تلقيها معاً لأنغام عذبة وألحان رقيقة وقصائد مبعثرة في ملكوت الحسّ العميقة. عالم الكتابة والأدب النّقي المقدّسَ هو مَنْ شدّني إليه بلطف وحنان منذ تجاوزي سن العاشرة كنت أهتمّ بالّلغة اهتماماً كبيراً، فتشكّلت بيني وبين هذا العالم أواصر صداقة وصحبة بعد أن منحتني كتابة الخواطر صوتا جريئا بعدما كنت أخجل عن الإفصاح بمشاعري، كانت أصوات أنطقها بيدي أمّا القصّة والرّواية فقد جذبتني إليهما من خلال الأحداث الغريبة والمثيرة والدّراماتيكية التي حدثت وتحدث لأسرتي ولي شخصيّاً ولمحيطي والعالم الذي أنتمي إليه، فلم أجد بدّاً من ترجمتها كتابياً “.
هل للبيئة أثر كبير على الكاتب؟ فما هي آثارها عليك؟
” إن الأديب عنصر مؤثر في البيئة ومتأثر بيها فلا يمكن عزله عن بيئته فهو حلقة وصل بين تراث ما سبقه وما يأتي بعده وأجد نفسي كمرآة لمجتمعي “.
ما هي أهم الكتب والمشاريع الفكرية التي أثرت عليك في مشوارك؟
” القراءة والإطلاع على مستجدات الأدب العربي و العالمى. ”
لمن قرأت… وبمن تأثرت؟
” كل الحب لأدباء المدارس القديمة الكلاسيكية والرومنسية ومدرسة أبولو ،وبعدها صار عندي ميول لمجال القصة القصيرة وبدأ بالرائعة ألف ليلة وليلة وقصص محمد تيمور و ميخائيل نعيمة فؤاد الشايب بديع حقي محمد عبد الحليم وغيرهم من كتاب القصة في شتى بقاع العربية “.
لمن تكتبين؟ وهل أنت في كل ما كتبت؟
” نعلم أن علم النفس يبحث في سلوكيات البشر مع مجتمعه وعلاقتهم بذواتهم كذلك أجد أن الأدب أداة للتعبير عن مشكلات الإنسان وصراعاته ، فما وجدته من تعقيد في حياة أي أنثى قابلتها يوما ابتداء من قصص أمي وخالاتي عكستها على كتاباتي فربطت بينهما برابط جوهري يفسر سلوك الأنثى ودواخلها فيندمجان ليحاولا تفسير تصرفاتها لتنوير ذاتها بكل ما يدور في خبايا نفوسها وتحفيزها لمعرفة أسرار الحياة. كما دعوت لتحرر المرأة من سطوة المجتمع الذكوري السادي المغيب الضمير، الدعوة إلى صحوة فكرية محايدة ومسالمة ذات طابع حضاري منفتح على الآخر بدون أحكام مسبقة وأفكار همجية. وكل ما كتبته هو لأشخاص عايشتهم أو تخيلتهم أو تجارب خضتها “.
ممكن تعطينا أهم أعمالك؟
“ المجموعة القصصية ” أنثى نبضها حكاية ” وهي الأقرب لقلبي “.
ممكن تعطينا شرحا حول مجموعتك القصصية؟
” الكتاب يعالج قضايا المرأة ويوضح مكانتها وتضحياتها، ويبين واجب المجتمع في معاملة المرأة كإنسان له حقوقه وقيمته وإنسانيته ومشاعره وحرمته، المرأة عماد المجتمع وسند لكل أحبتها : أب، أخ، ابن أو زوج فهي بطبعها الحنون وطبيعتها العطوفة تحب وتمنح حتى لو كانت طالحة في نظر البعض، لأن أسباب الشر أو الطلح دائما لها تفسير، أي ما الذي يجعل قلبا رحيما يقسو أو يؤذي،
في الكتاب تحدثت عن الأم التي تعاني في دور العجزة فتعجبت لمن يتخلى عنها من أجل إرضاء زوجته أو أي سبب دنياوي؛ كما تطرقت لنظرة المجتمع للأرملة والعانس والعقيم والمطلقة والمغتصبة وكيف تلقب بألقاب جارحة وتعتبر وصمة عار في جبينها وفوق تجربتها القاسية تواجه محنة أشد تتمثل في أطماع الرجال، ترشقها تشعرها بعارها وذلها ومهانتها وتكثر حولها الاشاعات توصلها لغروبها وتكمل أيامها كئيبة. كما تكلمت عن اليتيمة والتي تعاني المرض وضحية الحب والهوى ولم أغفل عن المرأة الطالحة مع ذكري لأسباب دفعتها أن تكون كذلك، وغيرها من نماذج حكايات إناث من عمق المجتمع، منهم من عايشته ومنهم من طعّمته بأشخاص عايشتهم ومنهم من تخيلته “.
لديك مؤلف لم تنشر ممكن تعطينا شرح حوله؟
“لدي الكثير من مجموعة أشعار وخواطر وقصص وحتى روايات وسأنشر عن قريب مجموعتي القصصية الثانية.
ماهي الكتب التي شاركت فيها؟
” شاركت في كتاب على المستوى الوطني منها : لاريمار ، فيلودوكسيا ، شرايين حروف ، على المستوى الدولي : موسوعة الجياد ، من ابداعات الملتقى، الشباب المبدع ، خطيئة الجوع.»
ما هو العمل الذي أكسبك شعبية؟
“ شعبيتي اكتسبتها من خلال مشاركتي في المسابقات الأدبية العربية الذي كان عليها الفضل من ثم صدور مجموعتي القصص ”
حدثينا عن المسابقات الدولية التي شاركت فيها؟ مشاركتك في مسابقة ناز تعد أكبر إنجاز لك حدثينا عنه.
“شاركت في المسابقة بقصة قصيرة بعنوان ” تخوف ” تتحدث عن حالة اغتصاب لفتاة وسط عائلتها وقد أشادت اللجنة بعملي وأجمل ما قاله الأستاذ سمير غالي عليها “ذبحتني قصتك يا بنيتي ” وكانت بذلك المرتبة الثانية من نصيبي”.
ماهي الكتب التي أشرفت عليها؟
” مشرفة على كتاب نوتات شذية يضم بين طياته مجموعة إناث تحكي كل واحدة منهن عن قصتها في الحياة ،تعزفن على الحروف تعبِّرن عما بداخلهنّ بإحساس مصاحب لتقلبات نلمسُها في الإنتقال من نوتة إلى أخرى وهي قد تسعدُ أو تحزن
مشرفة كذلك على كتاب بوح السترين الذي يعتبر كتلة من الإيجابية والتحفيز، وتجربة الإشراف وفقت فيها لعل وعسى يكون الكتابين مفتاح ولوج أخواتي الكاتبات للميدان”.
حدثينا عن مجلة المثقف الصغير وما هو دورك فيها؟
“ المجلة تولي اهتماها بكتاب أدب الطفل والناشئة عموما فالموضوعات المقدمة تتوفر على القصة القصيرة والمادة العلمية والألعاب والتسلية والصحة والدين وعلم النفس ،وهناك مجال للتعارف بين الأطفال والاهتمام بمواهبهم وتبنيها كما نهدف لدفعة قوية لقراءة الورقية في ظل انتشار القراءة والألعاب الإلكترونية
وكان دوري فيها الإطلاع على الأعمال واستقبال المشاركات والسعي لإخراج هذا العمل وتقديمه لطفل خاصة والاهل والمربي بصفحة عامة ” .
ما هو مستقبل الأدب والشعر في عصر الكمبيوتر وعصر الاستهلاك؟
“بدأ الأدب الرقمي يأخذ مساحته لدى القارئ والكاتب، إذ أن تصفح وسائل التواصل الاجتماعي والكتب الرقمية بات أسهل من القراءة التقليدية بالنسبة إلى البعض. ولكن هناك بعض السلبيات، أهمها صعوبة الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية، ولا سيما أن وسائل التواصل تعتمد على النشر والنقل، كما أن الترويج عن طريق المشاركات والإعجابات يزيد من نسبة انتشار البعض على حساب الآخرين، حتى وإن قدّم إبداعا أقل جودة وأفقد قيمة الكتاب الورقي وبحث الناس دائما على نسخة pdf مجانية، وهو ما يؤثر على حركة الأدب “.
ما هي مشاريعك القادمة؟
” أجهز لمجموعة قصصية أخرى تعنى بقضايا خاصة بالرجال ومشاكلهم في المجتمع “.
من شجعك على الكتابة أول مرة؟
” أمي اكتشفت ميولي للكتابة والمطالعة سجلتني في المكتبة ولم تنفك من تصحيح هفواتي وأخطائي ومتابعتي وهكذا وجدتني أحب الكتب وأعشق الوقت الذي أتواجد فيه في المكتبة ،واليوم تدعمني سرعان ما أطرح عليها فكرة ما، شكر موصول لأمي لأنها كشفت عن موهبتي وصقلتها وساعدتني لأوصل رسالتي فاللهم أسعدها بقدر ما سهرت وأرحها بقدر ما تعبت معي. ”
لو أردت تقديم نصيحة للشباب والبنات ماذا تقولين؟
” الشباب اليوم في صدارة المشهد الأدبي بإبداعاتهم الخاصة التي اقتربت من شباب جيلهم وقد كنت و مازلت أحيي الالتفات إليهم، ومنحهم الفرص لاعتلاء المنابر فلديهم ما يبهج، ويبشر بمستقبل مزهر نأمله منهم وهذه المرحلة متميزة في حياة كل أديب أو كاتب ، لكن بداية الممارسة الإبداعية تعني إنها لازالت في طور النشوء والنمو والتدريب والتمرين ، والاكتساب والتحصيل ، وعلى قدر المخزون المعرفي والتحصيل العلمي تكون التجارب ، وتتوضح معالم هذه الظاهرة التي تسمى ” أدب الشباب ، عادة ما تكون هذه التجربة الشبابية في فترة الشباب والفتوة ، حيث تتفتح المواهب ، وتظهر الميول والرغبات ، فيندفع الشباب إلى كتابة النص الأدبي، هناك من الشباب الذين ينبهرون بكاتب ، أو شاعر أو روائي، فيندفعون إلى محاكاته ، وتقليده في أفكاره ، بل وفي صوره الفنية وتراكيبه ، ثم لا يستطيعون التخلص فيما بعد من أسر التقليد نظراً لكونهم لا يقرأون إلا له ، وهناك الذين انبهروا بالثقافات الأجنبية ، وقد يبالغ البعض منهم في الغلو والتطرف ، فيرفضون الإرث الثقافي العربي وينفتحون على التجارب الأدبية الأجنبية ، معتقدين أن ذلك الانفتاح ، أو الانفلات هو عين الصواب ، فيقعون في أسر التقليد أيضاً، ثمرة التجربة الأدبية ولكي لا نقع في الكمية فقط ، يأتي بعد سلسلة من التجارب ، والممارسات والقراءات ، ولايزال الأديب يواصل القراءة ، ويعمق تجاربه في الحياة والناس ، ويعيد النظر في نصوصه ومواقفه ، ويقوّم نفسه “.
ماهي طموحاتك في عالم الكتابة؟
” عندما نجحت أول قصصي جذبتنى كالضوء وحلقت أنا في مدارها كالفراشة بحذر ومتعة… القصة القصيرة تتميز بالإيجاز والتشويق وإضافة عناصر المتعة في السرد…أريد أن أثبت هذا النوع الفني في الجزائر واعطائه مكانته “.
كنصيحة للشباب الراغب في دخول عالم الكتابة ماذا تقولي لهم؟
“الكتابة هواية ومهارة لك بها كل الحرية للتخيل والإبداع من غير حدود لكن على الكاتب أن يعرف أنها ليست مجرد قلم حبر وأوراق، واكتب، العقل لم يُخلق ليبقى ساكناً، يجب أن يعمل، يفكر،ي ُملأ معرفة وتعليم وثقافة وإلا انقلب السحر على الساحر، وبدأ العقل الساكن، ليجد(سبباً)يُشغَل فيه، بالتأليف الكاذب والتفكير السلبي والتشتت وإتعاب صاحبه. ابحث عن هواية/اقرأ، إياك إياك أن تسمح له بالسكون وتُمَكّن الفراغ منه هذا ما يساعد في تطوير صنعة الكتابة”.
ماذا استفاد المشهد الثقافي من فترة الحجر برأيك؟
” المشهد الثقافي في الجزائر شهد نقلة نوعية جيدة وفريدة نحو الأحسن ، كما أن نسبة المقروئية في الجزائر خلال الفترة في تحسن ملحوظ، إذ نشاهد إقبالا على الكتب والمطالعة لتمضية الوقت وليس هذا فقط ،فهناك من استغل الوضع ليؤلف كتابه أو يتعلم بعض اللغات والحصول على شهادات من دورات تدريبية
أونلاين، فنترقب مشهدا ثقافيا مشرفا حيث أن أي أمة تقرأ و تكتب تستمر لا تفنى ولا تستبعد ” .
هل كانت لك أعمال خلال هذه الفترة؟
” من خلاله كانت بدايتي في عالم النشر والمشاركة في المسابقات وقمت بطباعة أعمالي الأدبية “.
كلمة أخيرة المجال مفتوح.
” أريد شكركم أستاذ على هذا الحوار الشيق، فالدنيا جميلة بالقلوب الطيبة والوجوه المشرقة والعقول الراقية التي تبث في الأمل وتشعرنا دائما بالود والمحبة والاطمئنان ، أعتز بانتمائي لكم “.
حاورها: أسامة شعيب