بولا رافقت كل الحملات التطوعية منذ بداية كورونا … مستقبل الجزائر مشرق بتكاثف جهود الخيرين من أبنائها … النشاطات التطوعية مبادرات ناجحة وثقافة بحاجة إلى تعزيز
تعتبر الأعمال الخيرية التطوعية من أحد المصادر المهمة للخير، لأنها تساهم في عكس صورة إيجابية على المجتمع، وحتى يعلم الجميع أن المجتمع الجزائري كغيره من المجتمعات يعد العمل التطوعي فيه راسخا منذ القدم وهوما يدل على مدى التماسك والتعاون بين أفراده، وقد انعكس ذلك جليا أثناء الكوارث الطبيعية التي عرفتها البلاد (كفيضانات باب الواد، زلازل بومرداس…إلخ) حيث تسارع وتدافع الناس من أجل تقديم المساعدة للغير. ونظرا لأن العالم يشهد اليوم بأسره أزمة حقيقية تتمثل في تفشي وباء كورونا (كوفيد 19)، انعكست آثارها على شتى مجالات الحياة لأنه أظهر عجز الإنسان وضعفه أمام هذه الأزمة التي يستوي فيها كل من الغني والفقير القوي والضعيف، فمخلوق ضئيل لا يرى بالعين المجردة قادر على الانتقال من طرف العالم لطرفه الآخر في غضون ساعات رغم اختلاف الثقافات والأديان والتاريخ والمواقع الجغرافية، كما أنه فيروس مستجد ومتطور بخرائط جينية بالغة التعقيد فشلت أشهر المختبرات العلمية في فك شفراته إلى حد الآن وإيجاد لقاحات مضادة له. بالإضافة إلى هشاشة اقتصاد الدول المتقدمة بالرغم من تخصيص ملايير الدولارات لتحصين هذا الاقتصاد ضد الأزمات والكوارث الكبرى، نجد في الجهة المقابلة هشاشة صحية وأزمة حقيقية بالجزائر وضعتها في مرحلة تأهب قصوى للتصدي لهذا الوباء ومواجهة هذه الأزمة التي تطلبت تكاتف الجهود بين جميع مؤسسات الدولة وقطاعاتها العمومية والخاصة، إلى جانب روح التعاون بين أفراد المجتمع التي يبرزون من خلالها انتماءهم وولاءهم لوطنهم ومجتمعهم.
انطلاق حملات التعقيم منذ بداية انتشار الوباء بولاية وهران
منذ دخول هذه الجائحة إلى الجزائر بصفة عامة ووهران بصفة خاصة، وبسبب الحجر الصحي الذي فرضته الحكومة كجانب احترازي للحد من انتشار الفيروس منذ شهر مارس، والذي أدى إلى توقف كل النشاطات، وصلت فترة من مارس إلى أفريل أين توقف كل شيء بقي فقط سلك الأمن والجيش الأبيض في المقدمة والحماية المدنية ورجال الدرك والجيش الوطني الشعبي، أما المؤسسات العمومية وأصحاب الحرف والتجار فقد توقفوا خوفا على صحتهم وصحة المواطن من هذه الجائحة. هنا بمدينة وهران في بداية انتشار الفيروس انطلقت حملات التعقيم والتطهير للشوارع وسيارات الأجرة والحافلات ومداخل المؤسسات، العملية باشرتها ولاية وهران بأمر من الوالي السابق عبد القادر جلاوي آنذاك والتي شاركت فيها مديرية الحماية المدنية لولاية وهران ومديرية سيور مديرية الردم التقني، وخلية حماية البيئة ومعالجة المحيط، ومديرية الأمن الوطني والفرقة الإقليمية للدرك الوطني. هذه العملية مست مختلف أحياء وشوارع وهران والتي انطلقت في 7 أبريل من عام 2020 ، لتنطلق حملات التعقيم والتطهير من طرف عدة جمعيات أولها جمعية الشباب والإخلاص في العمل وجمعية شباب الباهية بشوارع وهران والتي مست مستخدمي الطريق وسائقي سيارات الأجرة ، لتنطلق معها جمعية روح الباهية وجمعية الباهية الثقافية وجمعية لالا القلب المفتوح في تعقيم المؤسسات العمومية، والتحقت بهم جمعية الباهية الثقافية التي بدأت حملات التعقيم في بيوت الرحمان والتي جابت مختلف مساجد مدينة وهران انطلاقا من بلدية مرسى الكبير، كذلك جمعية أشبال الخير والرحمة لبلدية مرسى الكبير انطلقت هي الأخرى في أكبر حملة لتعقيم كل شوارع وأحياء مرسى الكبير هذه العملية كانت كل يوم بعد أوقات الحجر.
رمضان والتطوع في وهران
رمضان هذه السنة لم يكن مثل السنوات الماضية بسبب جائحة كورونا التي أوقفت كل شيء حتى صلاة التراويح والصلوات الخمس ، انطلقت في شهر رمضان حملات مساعدة الأشخاص المتضررين من جائحة كورونا فمنهم من توقف عن مزاولة نشاطه ، ومنهم من له أيتام ولم يقدر أو لم تقدر على إعانتهم، فأطلق مركز سبل الخيرات برئاسة “الشيخ بحري بشير ” حملة وجبة لعمال الصحة والفقراء ، والذي كان يجهز أزيد من 1000 وجبة يوميا ، وحتى الأشخاص بدون مأوى وكذلك العائلات المعززة استفادت من ذلك ، مع توزيع 2350 قفة على المحتاجين ، كذلك جمعية وفاء بلقاسم اليد الذهبية التي كانت توزع الوجبات الساخنة هي أيضا على الجيش الأبيض في المستشفيات وهذه المبادرة عرفت دعما من طرف المواطنين الذين كانوا يقدمون يد العون من أجل أن تواصل مثل هذه المبادرة. في أواخر رمضان أطلقت نسمة أمل عين الترك برئاسة زاوي عتيقة حملة ” قش العيد لكل يتيم ” والتي شهدت أزيد من 600 بدلة على الفقراء والأيتام خلال العيد والتي استفاد منها سكان عين الترك ووهران كل، كذلك جمعية شباب الباهية التي تعرف بنشاطها ووجودها في الميدان هي الأخرى ساهمت في كسوة العيد لكل محتاج، وأيضا جمعية أشبال الخير والرحمة لبلدية مرسى ساهمت في كسوة العيد لكل أطفال بلدية مرسى والتي فاق عددها 200 من أجل إدخال البهجة على أطفال الحي ومساعدتهم.
مشاركة قوية للكشافة الإسلامية والهلال الأحمر الجزائري في العمل التضامني
حتى لا ننسى الدور الكبير الذي قامت به الكشافة الإسلامية الجزائرية، في تقديم الوجبات الساخنة وكسوة العيد وحملات التعقيم والتطهير، وكذلك الهلال الأحمر الذي كان ينظم حملات التعقيم والتطهير في الوسط وكذلك توزيع الكمامات والمعقمات وتوزيع الوجبات على الأشخاص بدون مأوى وتحسيس المواطن بضرورة ارتداء الكمامة واحترام البروتوكول، فضل هاتين المنظمتين يشهد عليه الجميع مند بداية كورونا.
الجمعيات تحمل لواء حملات التوعية والتحسيس في الشوارع
بعد فترة العيد انطلقت حملات التوعية والتحسيس من طرف سلطات الأمن الوطني وأعوان الحماية المدنية في الشوارع والمتاجر والأسواق من أجل حث المواطن على ضرورة احترام البروتوكول الصحي و تطبيقه، وكذلك انطلقت المجموعات التطوعية بمختلفها من قلوب الخير ، قلوب مطمئنة الحياة ، وهران الخير ، مجموعة ابتسموا، وعدة مجموعات في حملات التبرع بالدم التي اندثرت في زمن كورونا بسبب خوف المواطنين من التبرع ، والتي أدت إلى نفاد أكياس الدم مما أدى إلى تنظيم حملات التبرع بالدم ، حيث قامت رابطة الجمعيات لولاية وهران بأكبر حملة تبرع بالدم بساحة أول نوفمبر والتي لاقت استحسان المواطنين وإقبالهم على التبرع .
عيد الأضحى تحت شعار ” كبش العيد للفقير واليتيم “
أما في عيد الأضحى هذه السنة والذي تزامن هو أيضا مع الحجر الصحي وكورونا، لم تستطع بعض العائلات بل بنسبة كبيرة توفير خروف العيد، فاضطرت بعض الجمعيات من بينها الدنيا زاد الآخرة وجمعية أشبال الخير والرحمة وجمعية هالبيست لتوفير خروف العيد للأيتام والمعوزين قبل ليلة واحدة من العيد، هذه الهبة التضامنية أدخلت البهجة والسرور على الأطفال وأهاليهم وحتى لا ننسى مركز سبل الخيرات الذي كان السباق في هذه المبادرة والذي وزع أكبر حصة.
حملات التعقيم والتحسيس في الوسط التربوي
عندما أعلنت الحكومة العودة إلى مقاعد الدراسة تدريجيا بداية بالمدارس ثم الثانويات والمتوسطات، انطلقت بعض الجمعيات من بينها رابطة الجمعيات لولاية وهران وفدرالية المجتمع المدني ودار الشباب أحمد زبانة في حملات تعقيم المؤسسات التربوية قبل الدخول وبعد ذلك أيضا، كما تبعتها حملات تحسيس التلميذ وحثه على ضرورة احترام البروتوكول الصحي من ارتداء الكمامة واحترام مسافة الأمان بسبب الموجة الثانية التي شهدتها البلاد، حيت تم تعقيم كل المدارس بالولاية وذلك من طرف كل الجمعيات والمجموعات.
حملات لتعقيم المؤسسات العمومية
انطلقت جمعية روح الباهية وجمعية الباهية الثقافية وجمعية لالا القلب المفتوح وجمعية الباهية الثقافية، في حملة تعقيم بيوت الرحمان تحسبا لإعادة فتحها وإقامة الصلاة فيها، كما تم تعقيم كل من مؤسسات الأمن الوطني ومراكز البريد والمواصلات، والأسواق وديار العجزة والأيتام، وحتى البلديات والدوائر ومديرية الشباب والرياضة التي تم تعقيمها من طرف دار الشباب احمد زبانة.
الجمعيات تشارك في حملات التشجير بعد كارثة حرق الغابات
في اليوم الوطني للشجرة، نظمت ولاية وهران أكبر حملة لغرس الأشجار، هذه الحملة شارك فيها كل من مديرية الأمن الوطني والدرك الوطني ومديرية الغابات والجيش والكشافة الإسلامية والهلال الأحمر وأزيد من 80 جمعية ومجموعة، والتي شهدت غرس فضاء من منطقة سنتا كروز وعرفت توافدا كبيرا. بعدما شهدت مدينة وهران وبالضبط غابة مداغ حريقا كبيرا مما أدى إلى تلف مساحات كبيرة من الغابة، قامت تنسيقية المجتمع المدني ومجموعة نسمة أمل عين الترك بزيارة المكان وبداية تنظيفه من طرف المنخرطين، لتليها أكبر حملة غرس من طرف ولاية وهران بمشاركة كل الجمعيات والمجموعات والمجتمع المدني، وفدرالية المجتمع المدني ورابطة الجمعيات وكل المتطوعين لإنجاحها واعادة الاعتبار للغابة. كانت هذه هي النشاطات التي قامت بها جمعيات ومجموعات ولاية وهران، والتي رافقتهم جريدة بولا فيها منذ بداية أزمة كورونا. كل الشكر والتقدير للقائمين على هذه المبادرات خدمة لهذا الوطن الغالي في ظل أزمة جائحة كوفيد 19.
أسامة شعيب