في حوار جمعه بجريدة “بولا” تحدث فتحي زيتوني مشرف مدربي حراس الفئات الصغرى بنادي أهلي جدة السعودي عن المراحل التي مر بها للعمل في السعودية التي يقيم بها حاليا، وهذا بعدما كانت له أول تجربة مع نادي التعاون كمدرب لحراس فريق الرديف، ثم بعدها نادي الوطني. ليستقر بنادي أهلي جدة الذي بدأ مسيرته مع كمدرب لفئة أقل من 15 سنة. وبعدها فريق الرديف ليتم وضع الثقة في شخصه كمشرف على مدربي حراس المرمى للفئات الصغرى.
الحارس السابق لوداد تلمسان زيتوني لخص في هذا الحوار سر تطور الكرة السعودية التي اعتبرها مبنية على أسس علمية، وتخطيط استراتيجي وليس الجانب المادي فقط. قبل أن يؤكد أن تطور الرياضة الجزائرية يبقى مرهونا بتغيير الذهنيات وطرق التفكير قبل البحث عن المادة التي اعتبرها وسيلة فقط لتحقيق الاحتراف، وليس أساسه.
ابن الزرقاء لم يأب التطرق لماضي وداد تلمسان حيث بدا جد متحسرا عن وصوله إلى الدرجة الثالثة. ومع هذا فقد أكد تفاؤله بقدرة عودة فريق الزيانيين لأمجاده نظرا للعمل الجبار الذي تقوم به الإدارة الحالية. أما عن المنتخب الوطني فقد أكد الحارس السابق لإتحاد بسكرة أن جمال بلماضي قدم الكثير للمنتخب وهو ما يجعله يتفاءل بقدرة الخضر على صنع الأفراح مجدد. وبصفته مدرب حراس فقد أردف ابن ولاية تلمسان أن الحارس أسامة بن بوط قد يستطيع أن يسطع نجمه مستقبلا. وفي ختام الحوار دعا ضيفنا إلى ضرورة الالتفاف حول صادي وليد رئيس الاتحاد الجزائري الجديد بغية إعادة بريق الكرة الجزائرية في سماء إفريقيا والعالم العربي.
أين يتواجد زيتوني حاليا؟
“السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته. في البداية أود أن أشكركم على هذه الالتفاتة الطيبة. أنا الآن مقيم بالسعودية وبالضبط بجدة. بحكم أنني اشتغل ضمن الطاقم التدريبي للفئات الشبانية لنادي أهلي جدة أو نادي الكؤوس كما يحلو للأنصار تسميته، كمشرف على مدربي حراس المرمى.”
كيف كان التحاقك بالسعودية وكيف كانت المفاوضات مع ناديك؟
“أولا التحاقي بالسعودية كان بفضل الله تعالى الذي قدر لي ذلك. وأظن أن هذا راجع لسر ألا وهو دعوات الوالدة. كما لا ننسى صديقي مراد حابي مدرب حراس المرمى حاليا لوداد تلمسان الذي ساعدني هو الآخر للالتحاق بالسعودية، وذلك سنة 2015 لما كان يشتغل رفقة نادي التعاون الناشط في الدوري الأول الممتاز. حيث عرض علي فكرة التنقل لهذا النادي بغية الإشراف على تدريب حراس مرمى فئة الرديف أين اشتغلت آنذاك إلى غاية 2017 مع طاقم فني جزائري بقيادة الكابتن رياحي الذي أحييه بالمناسبة. لأنظم بعدها إلى طاقم تدريب أكابر نادي الوطني. وبعدها في 2019 تنقلت إلى نادي أهلي جدة كمدرب لحراس فئة أقل من 15سنة حيث كانت لي الفرصة أن أتوج بالبطولة في أول موسم رفقة الطاقم الفني الجزائري المكون من الكابتن عبد اللاوي والمحضر البدني قورمي. لأضطر إلى العودة إلى الجزائر بعد انتشار وباء كورونا. والحمد لله عقب رجوع الأوضاع إلى حالها رجعت إلى جدة. وذلك بعد الاتصالات التي ربطتني بمسؤولي النادي الذين وضعوا كامل ثقتهم في شخصي للإشراف على مدربي الحراس للفئات الصغرى بالنادي. بعدما تركت انطباعا حسنا وشرفت المدربين الجزائريين. ولهذا فأسعى دائما لرسم صورة حسنة عن بلدي وأبنائه.”
لماذا اخترت البطولة السعودية؟
“في الحقيقة أنا من محبي السعودية. ولهذا السبب فضلت الاستقرار بها، خاصة وأن وجدت راحتي فيها واكتسبت الخبرة هنا في ميدان عملي.”
ما هي أهدافكم؟
“الأهداف التي نسعى للوصول إليها هي اكتشاف حراس مرمى وتطوير مستواهم. الحمد لله كان لي تجربة سابقة مع أحد الحراس الشبان في نادي التعاون الذي اكتشفته وعملت على تطوير مهارته والحمد لله فإن عملي لم يذهب سدى. حيث شارك رفقة المنتخب الأولمبي في كأس العالم. الآن في نادي أهلي جدة وضعنا إستراتيجية أو خطة عمل هدفها أن النادي مستقبلا لن يستقدم أي حارس من خارج السعودية أو حتى من خارج بيت الأهلى. حيث نحاول الاستثمار في خزان الشبان وهذا بناء على سياسة التي يتبعها مسؤولو النادي.”
البطولة السعودية أضحت من أقوى البطولة العالمية وتضم أبرز اللاعبين في رأيك ما هي الأسباب التي جعلتها تتقدم؟
“صحيح. فكرة القدم في السعودية تعرف تطورا خارقا للعادة. حتى أن الدوري السعودي أضحى من أقوى الدوريات العالمية وليست العربية فقط. والدليل أنها تعرف توافد أبرز الأسماء التي سطعت في سماء البطولات الأوروبية. فكما تعلم أن نتقل هؤلاء النجوم ليس من أجل المال فقط. فهم لا يهمهم الجانب المادي بقدر ما يهمهم الجانب الاحترافي. فكل الظروف متوفرة والمنشآت في قمة الروعة. فهناك عمل جبار يقوم به المسئولون على الكرة بالسعودية. ولقد بدأ يأتي بثماره. ولهذا فأظن أن سبب النقلة النوعية في تاريخ للكرة السعودية هو وجود أناس عملوا بجد وبتفاني لتطوير الكرة من جميع النواحي.”
كيف ترى مستقبل الكرة السعودية في ظل هذه النقلة النوعية؟
“كما قلت أن هذه النقلة النوعية كانت بفعل خطة إستراتيجية تم أتباعها منذ مدة وهي الآن تأتي بثمارها. أظن تدعيم أغلب النوادي السعودية بأبرز نجوم العالم سيرفع مستوى الدوري عاليا. وحتى اللاعب المحلي سيبذل مجهودا للبروز. والآن كما هو معلوم أضحى هناك عدة فرق تتنافس على البطولة على عكس المواسم الماضية وهو ما يرفع المستوى عاليا حيث سيكون هناك نتائج باهرة مستقبلا وكما قلت فإن الكرة السعودية أصبحت تصنف عالميا وليس عربيا فقط.”
ماذا عن سياسة التكوين هناك؟
“هنا في السعودية يركزون كثيرا على التكوين. حيث يعملون عمل جبار ويراهنون على الشباب لتطوير الكرة وصقل المواهب. بدليل أن الأطقم الفنية لدى جميع الفرق على مستوى الفئات العمرية لهم مستوى كبير حيث تجد غالبيتهم من أوروبا. أو أخذوا تكوينا في أكبر المعاهد. وسياسة التكون هنا ليس مقتصرة على كرة القدم وإنما على جميع الاختصاصات الرياضية وهو الأمر الذي يؤكد أن هناك أناس يولون أهمية كبيرة لهذا الجانب. فعلى سبيل المثل في فريقي أهلي جدة تجد الطاقم الفني الألماني مسؤول عن جميع الفئات من خلال التنسيق والمتابعة. كلها أمور يمكن أن تحقق أهداف النوادي باحترافية.”
نعود إلى البطولة الجزائرية هناك عدة فرق استفادت من شركات وطنية هل ترى أن هذا سيرفع من مستوى الدوري مستقبلا؟
“في الحقيقة لا أظن أن تغير مستوى البطولة الجزائرية مرتبط بالأمور المادية. وإنما هو متعلق بتغيير الذهنيات. فالجانب المادي ما هو إلا وسيلة للوصول إلى الغايات. لكن تطور الكرة أو الاحتراف يجب أن يبنى على دراسات وخطط إستراتيجية طويلة المدى علمية. حتى وإن تم توكيل مهمة تسيير الأندية الجزائرية لشركات، فيجب أن يتم تغيير الذهنيات والمفاهيم. ولهذا فلا يمكن أن يحدث التطور بين ليلة وضحها. أي ليس بمجرد تولي هذه الشركات تسيير النوادي سنرى ألقاب وبطولات على المستوى المحلي والإفريقي. ولهذا فإن تطور الكرة الجزائرية مرهون بالدرجة الأولى بتبني فكر جديد ثم الاستعانة بالجانب المادي. لأن الاحتراف لا يعني الأموال فقط وإنما خطط مدروسة وتسيير مهني محكم ولهذا فإن أردنا رفع مستوى البطولة يجب إتباع تسيير مبني على التخطيط والأسس العلمية.”
فريقك السابق وداد تلمسان تقهقر في المواسم الأخيرة، ما تعليقك؟
“في الحقيقة وداد تلمسان أنا لا أعتبره فريقي السابق فقط، وإنما هو بمثابة الأم أو الأب بالنسبة لي. أنا متأسف جدا ولا أستطيع أن أتخيل أنه يلعب في الدرجة الثالثة لكن الحسرة أو الحديث عن الماضي لا ينفعان ولا يغيران الواقع فالفريق سقط وهنا انتهى الأمر. الآن يجب التفكير في المستقبل وكيفية إعادة الوداد إلى أمجاده. في الحقيقة أنا على تواصل يوميا بمحيط الفريق وأسرته. أظن أن العمل الجبار الذي يقوم به المسيرون يجعلني أجزم أن الوداد في الطريق الصحيح. كيف لنا ونحن نرى وقفة المناجير العام يوسف برحال والتفاف خيرة أبناء الوداد حوله يمكنك أن ترتاح من مدربين له سمعة مشرفة سواء لما كانوا لاعبين أو حتى في مجال التدريب. يجب الابتعاد عن القيل والقال وترك أسرة النادي تعمل لأن البكاء على الأطلال لن يغير شيء. وإنما الإدارة والعزيمة هما اللتان يمكنهما التغيير. وأنا بدوري من الناس الذين يفكرون في المستقبل ولا يردون الالتفات وراءهم ولهذا. فأظن أن العمل الذي يتم القيام به حاليا على مستوى الوداد يبعث على الارتياح.”
نعود إلى المنتخب الوطني كيف ترى مستقبله، خاصة في ظل الانتقادات الأخيرة؟
“أظن أنه لا يمكن لأي كان أن يوجه انتقادات للمدير الفني، فعمليا قد قدم للمنتخب ما لم يقدمه غيره. ولا يجب أن ننكر الانجازات التي قام بها منذ قدوم للعارضة الفنية للخضر. فهناك من ينتقد الشخص في حد ذاته لحاجة في نفس يعقوب بغض النظر عن العمل الذي يقوم به. صحيح أن الانتقاد أمر مطلوب لكن بشرط أن يكون بناء وليس هداما. ولهذا أنا شخصيا لن أتخوف على مستقبل منتخبنا الوطني وأن أعلم أنه تحت قيادة ناخب يفقه في الكرة الكثير. زيادة على حبه للوطن ومسيرته كلاعب وكمدرب. ولهذا فلا أظن أن المنتخب سيتأثر. ونتمنى أن يفرحنا بالمزيد من الإنجازات والبطولات.”
بالنسبة لمنصب حراسة المرمى،هل أن هناك من يقدر على تعويض غياب مبولحي؟
“في الحقيقة أنا أعتبر رايس وهاب مبولحي من المواهب الخارقة للعادة، فهو من بين الحراس النادرين على المستوى العالمي، وكما نعلم هو جمع بين الموهبة والتكوين فلما تشاهده يلعب تعرف جيدا أن حارس أخذ تكوينا أساسيا محترفا. زيادة على انضباطه وجديته على عكس بعض الحراس وأنا هنا لا أنتقد الحارس المحلي لأن البطولة الجزائرية أنجبت أسماء لامعة في هذا المنصب. ولهذا فأنا أظن أن تواجده أمر ضروري ومن الغير المجدي إبعاده. صحيح يمكننا اتباع سياسة التشبيب. لكن يجب الاستمرارية، كيف ذلك؟ نستقدم حارس شاب وندعه يحتك ويعمل مع مبولحي. بالنسبة لمستقبل حراسة المرمى في المنتخب فقد سبق لي حضور نهائي كأس السبور بين إتحاد العاصمة والأهلي المصري وشاهدت الحارس بن بوط أسامة الذي يمتلك إمكانيات هائلة زيادة على صغر سنه. ولهذا فإذا احتك برايس فأظن أنه سيقدم ما قدمه هذا الأخير. فتواجد مبولحي في التشكيلة أمر ضروري لأنه يعطي الشباب ذلك الدافع الذي يبحثون عنه. وهو ما يتم العمل عليه هنا بالسعودية حيث يتم استقدام النجوم لا لشيء إلا لكي يتعلم منهم الشبان. لذلك فأنا لست متخوفا على مستقبل حراسة المرمى في ظل تواجد العديد من المواهب لكن لا يجب استبعاد مبولحي.”
هل ترى أن وليد صادي قادر على إعادة هيبة الكرة الجزائرية، وكيف ترى مهمته؟
“بالحديث عن الاتحاد والرئيس المنتخب وليد صادي ففي البداية نتمنى له التوفيق للنهوض بالاتحادية الجزائرية لكرة القدم على أسس صحيحة تسمح لها بالظهور بوجه مشرف والعودة للواجهة. أنا أظن أن صادي لوحده لن يمكنه التغيير. بل هذا يكون بتضافر الجهود والعمل بنية خاصة للوصول إلى الأهداف المرجوة. لأن التسيير يبنى على الجماعة وليس شخص واحد. ولهذا أتمنى أن يجد المرافقة من المكتب المسير وحتى المحيط الذي لا يوجد حاليا بالاتحاد. لأن هناك يؤمن بمبدأ تواجده فقط فإذا لم يكن موجدا فلا يهمه أي شيء والأكثر من هذا أن يسعى للعرقلة. ولهذا يجب العمل من أجل المصلحة العامة وليس الشخصية.”
كلمة ختامية…
“بالمناسبة، نشكركم على هذه الالتفاتة الطيبة، و أوجه تحية خالصة للجمهور الرياضي الجزائري بصفة عامة والتلمساني بصفة خاصة. كما أتمنى للمنتخب الوطني مزيدا من الأفراح. ولوداد تلمسان العودة للأضواء حيث نتفاءل خيرا بهذا. كما نتمنى لكم النجاح في مشواركم الصحفي وتقديم رسالة نبيلة بالتوفيق إن شاء الله.”
حاوره: ياسين