الأولىتحقيقات وروبورتاجات

بفعل إغراءات المال والتحفيزات المالية.. الخليج حلم اللاعب الجزائري ومقر اعتزال اللاعب الأوروبي

منذ زمن ليس ببعيد كانت البطولات الخليجية مدفونة إعلاميا و لم يكن صداها يصل إلى لاعبي البطولة الوطنية الذين كانت أكبر أحلامهم اللعب في القارة العجوز و فقط ،و لم تكن البطولات الخليجية تستهوي النجوم التي تبرز محليا و التي تبحث عن الاحتراف أوروبيا لتطوير مستواها الفني و بالتالي لفت أنظار الناخب الوطني و من ثم حمل القميص الوطني و الظفر بمكانة في صفوف المنتخب ، إلا أن الآية انقلبت فأصبحنا نرى لاعبين كانوا يشقون طريقهم بثبات نحو النجومية تحول وجهتها عربيا بفعل إغراءات المال الخليجي والتحفيزات المالية ودخول “الصماصرة” على الخط ما جعل الوجهة تتحول من شمال المتوسط إلى هذه الرقعة الجغرافية.

المال يحسم مستقبل اللاعبين

وللفت أنظار اللاعبين وكسب ودهم لجأت الدول الخليحية للعب ورقة المال والتحفيزات المالية الكبيرة أين تصل قيمة العرض أو تتجاوز أحيانا ما يمكن أن يتقاضاه اللاعب بإحدى الأندية الأوروبية لسنوات، وهو ما يفتح الباب أما بعض وكلاء اللاعبين لاختيار الوجهة الخليجية حيث تسهل العملية أكثر من أوربا التي تعتمد على قوانين صارمة في التعاقدات والتحصيل الضريبي، ما يحفز “صماصرة الكرة” على التوجه للخليج والهروب من إجراءات أوروبا الصارمة.

الهجرة المعاكسة للاعبين

لم تقتصر الهجرة نحو الدوريات الخليجية على اللاعبين الذين ينشطون بالبطولة الوطنية، بل امتد هذا الداء ليصيب المحترفين بالدوريات الأوروبية وصرنا نرى لاعبين نجوم مع فرقهم وفي قمة العطاء يرضخون للإغراءات المادية ويلتحقون بأندية الخليج. وعلى الرغم من نشاط سوق الانتقالات الخليجية وتفضيلها للاعبين الجزائريين في السنوات الأخيرة إلا أن الأمر الأكيد هو عجز البطولة المحلية على” تصدير” لاعبين مؤهلين للاحتراف في البطولات الأوربية، ليكون نادي بارادو الاستثناء الوحيد من النوادي الجزائرية حيث بات لاعبو الأكاديمية محل أطماع أندية أوروبا والتحاق لاعب أو لاعبين كل موسم بناد أوروبي أصبح ميزة هذا النادي. وإذا كان احتراف لاعبينا بالبطولات الخليجية مخيبا للآمال، فإن “الاحتراف العكسي”-للاعبينا-أصبح مخيبا، حيث شهدت البطولة الجزائرية هجرة معاكسة بعودة لاعبيها” المحترفين” كما كان الحال مع الكثير من اللاعبين الذين وجدوا أنفسهم يعودون إلى البطولة المحلية بعد تجربة احترافية فاشلة.

شح العروض للاعبين المحترفين شجع الوجهة الخليجية

وبعد أن أصبح  اسمه يتردد كل موسم على أفضل فريقين في العالم ريال مدريد و برشلونة  وأحد عمالقة ”البريمرليغ” أرسنال، يتوجه رياض محرز تدريجيا للبقاء في ناديه الحالي مانشستر سيتي رغم أن اسمه يتداول على صفحات أكبر الصحف و المواقع العالمية كل موسم باهتمام قطبي الليغا البارصا و الريال بالتعاقد مع محارب الصحراء قبل أن يتبين بأنها لا تعدو أن تكون مجرد حبر على ورق ،كما وقع للاعب ياسين براهيمي الذي كان بحسب وسائل الإعلام  على أعتاب بايرن ميونيخ الألماني، ليتبين أن الخبر كان مجرد أكذوبة كتلك التي رشحته من قبل للالتحاق بباريس سان جرمان لتبتلعه بطولة قطر.

المنتخب الضحية الأكبر

يبقى المنتخب الوطني هو الضحية لهذه الهجرة الجماعية نحو هذه الدوريات المجهرية التي باتت مقبرة لهؤلاء اللاعبين، وبات الجمهور الجزائري يترحم على كل لاعب وقع لفريق خليجي لعلمه بالمستوى المتدني للكرة الخليجية خاصة من الناحية البدنية أين يجد لاعبونا أنفسهم مع نجوم و كبار لاعبي أوروبا و العالم و لكن بتاريخ صلاحية منتهي، و قدومهم للخليج كان لتدعيم “الرصيد البنكي” لا غير في ظل انتهاج أغلب النوادي هناك لعب ورقة المال لجلب النجوم و استعمالهم كطعم لاستدراج المواهب العربية الصاعدة و إغوائهم باللعب إلى جانب نجوم كان هؤلاء الشباب يشاهدونهم عبر الشاشات فقط ، و هو ما تحقق لهم بنجاح بعد أن صرنا نشاهد الكثير من النجوم الصاعدة تلتحق بأندية الخليج و تدفن مشوارها الكروي مبكرا.

ياسين براهيمي نموذج

ويبقى ياسين براهيمي المثال الحي لدفن المواهب الجزائرية، فمن مجاورة النجم البرتغالي كواريزما ببورتو والمشاركة في رابطة الأبطال الأوروبية كل موسم والتألق فيها إلى اللعب بالدوري القطري، وهو الأمر الذي صدم الكثيرين من مدى صحة خيار اللاعب خاصة وأن النجم الجزائري كان في أوج عطائه وكان بإمكانه اللعب في أقوى بطولات العالم لمواسم أخرى، وما العروض التي كان يملكها من أندية كبيرة في أوروبا لدليل على القيمة الفنية للاعب وأنه بإمكانه مواصلة التألق في أوروبا لسنوات إضافية.

ضعف التكوين للاعب المحلي مشكل آخر

ويعود عزوف النوادي الأوربية عن التعاقد مع اللاعبين الجزائريين لأسباب فنية بالدرجة الأولى، فالبطولة الجزائرية غير قادرة على تكوين لاعبين بالمقاييس المطلوبة في البطولات الأوروبية العريقة، حتى وإن وجدوا فإن نجاحهم في الاحتراف أوروبيا واستمرارهم في التألق يبقى محل شك، بما أن نجاح اللاعبين في أوروبا يتطلب منهم بذل التضحيات التي يتطلبها نجاح مسيرة احترافية بأوروبا لتفادي العودة السريعة أو السقوط في مستنقع البطولات الخليجية. الشيء الأكيد هو فشل منظومتنا الكروية ككل في تكوين لاعبين بمقاييس أوروبية اللهم إذا استثنينا نادي بارادو الذي أصبح الشجرة التي تغطي الغابة.

سنينة مختار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P