تحقيقات وروبورتاجات

تتوفر على العديد من الطاقات و المواهب المهمشة… المدارس الابتدائية … مشاتل رياضية مصيرها الضياع

لا يختلف اثنان على أن الجزائر من بين البلدان التي أنجنب أبطالا كُثر وفي جميع الرياضات سواء الجماعية منها ،وحتى الفردية وهي الأسماء التي لم تخرج من العدم بل هي مواهب كان لها الفرصة في البروز  ،رغم غياب الإمكانيات والدعم لمدارس التكوين ، على عكس ما  هو موجود في الدول الأجنبية وحتى الدول العربية التي أضحى مسؤولها  يهتمون بسياسات التكوين ،والتي تعتمد على اكتشاف العصافير النادرة في بدايتها انطلاقا من المراحل المتقدمة من العمر ،وهذا ما نتفقر إليه حاليا فعلى الرغم من جود خزان كبير من العنصر البشري ،فهناك الكثير من المواهب التي أضحت تضيع أو لا تأخذ حقها في الظهور ،  هذا وقد يذهب المختصون إلى أن سياسة التنقيب يجب أن تنطلق ابتداء من مرحلة الدراسة الابتدائية وهي المرحلة العمرية التي يكون فيها الطفل بحاجة إلى إخراج موهبته واكتشافها من طرف مختصين ،لكن للأسف فإن هذا الجانب مهمل من طرف الهيئات المختصة في وزارة التربية  ،فهناك مشتلة كبيرة من الطاقات والمواهب  خاصة في مناطق الظل مهملة و مهمشة ، والدليل أن أغلب النجوم قد انحدروا من القرى الصغيرة والأحياء الشعبية  ، وهو ما يتطلب إعادة النظر في سياسات التنقيب عن المواهب الرياضية بداية من المدارس الابتدائية وهذا إلى غاية المراحل الأخرى من التعليم ،خاصة وأن السلطات العليا في البلاد كانت قد أشارت إلى وضع مخطط عملي في الدخول الاجتماعي الماضي يقضي  بتعزيز التربية البدنية والرياضية، لاسيما في المرحلة الإبتدائية التي اعتبرت منبعا  لتجديد النخبة الرياضية الوطنية، ومناسبة إضافية لتسهيل الاحتكاك واللقاء بين الشباب،حيث تم اللجوء إلى هذا المقترح انطلاقا من  نتائج تقرير أعدته لجنة قطاعية مشتركة مكونة من خبراء وإطارات من قطاعات الشباب والرياضة والتربية الوطنية والتعليم العالي والبحث العلمي، بالإضافة إلى ممثلي الاتحادات الرياضية المدرسية والجامعية، هذا في انتظار تجسيده على أرض الواقع.

انعدام المرافق الرياضة بالمدارس يقف في وجه المواهب

من بين الأسباب التي تقف عائقا في وجه تلاميذ المدارس الابتدائية ،هو غياب المرافق الرياضية كالملاعب ،أو القاعات وحتى الوسائل البيداغوجية الرياضية كالكرات ، وغيرها من الهياكل خاصة في مناطق الظل ،فحتى وإن وجدت في كبرى المدن فهي تعد على الأصابع ،حيث  عرفت بعض المدارس خلال هذه المواسم الدراسية الأخيرة ،تدعيمها من طرف الهيئات المخولة لها تهيئة المؤسسات  بملاعب معشوشبة اصطناعيا  خاصة المدارس الجديدة ،وهي الخطوة التي يجب أن تعمم على جميع المدارس في القطر الوطني ، لأنه من غير الممكن لتلميذ  لا يفوق سنه 11 سنة أن يمارس الرياضة فوق أرضيات من الإسمنت المسلح الذي يغطي جل ساحات المدارس في الوطن ، فهذا النوع من الأرضيات يشكل خطرا على الأطفال الذين هم أكثر عرضة للإصابات والكسور بسبب هذه الأرضيات التي لا تصلح لا للعب ولا لممارسة النشاطات الرياضية.

غياب أساتذة مختصين في الرياضة من بين العوائق

ولعل العائق الكبير الذي يقف  في وجه التنقيب عن المواهب في المدارس الابتدائية ،هو غياب أساتذة مختصين في الرياضة والتربية البدنية ، فكما هو معروف أن مهمة تدريس حصة التربية البدنية تسند إلى أساتذة اللغة العربية ،حيث تقتصر هذه الحصة على حركات إحماء، أو ألعاب جماعية،أو الجري ،وهو الأمر الذي  لا يمكن من خلاله  للأستاذ غير المتخصص حتى وأن كان شغوفا بالرياضة ،أن يكتشف المواهب التي يشرف على تدريسها  باستثناء بعض الحالات النادرة ،زد على ذلك فإن التوقيت المخصص لحصة التربية البدنية والمقدر بساعة واحدة ،تقلصت إلى 45 دقيقة بسب نظام التفويج المطبق من وزارة التربية خلال فترة انتشار الوباء ، و هو من بين العوائق التي تقف في وجه العصافير النادرة للتحليق في سماء الرياضة .

خريجو معاهد التربية البدنية يطالبون بالتوظيف في الطور الابتدائي

ومن بين المفارقات العجيبة أن هناك الآلاف من أصحاب الشهادات الجامعية الذين زاولوا دراستهم في معاهد وجامعات الوطن ،و الحاصلون على شهادات عليا في اختصاص التربية البدنية ، لم تتح لهم فرصة التوظيف في الطور المتوسط والثانوي ، وهو الأمر الذي يتطلب الاستفادة من خدماتهم في الطور الابتدائي والذي أصبح بحاجة إلى وجود أساتذة مختصين في التربية البدنية ،وهو ما طالبت به  هذه الفئة في الكثير من المناسبات من خلال الدخول في وقفات احتجاجية ،فهل يتم فسح المجال أمامهم وإعطاءهم الفرصة للنهوض بسياسة صقل المواهب الرياضية في المدارس الابتدائية ،حيث ذهب الكثير منهم إلى ضرورة العودة إلى اعتماد الاختصاص حسب المواد في الابتدائي مثلما هو معمول به في الأطوار الأخرى.

المدارس الكروية ” لمن استطاع إليه سبيلا”

ولعل الأمر الذي يتطلب العودة للاهتمام بمادة التربية البدنية في الطور الابتدائي حتى لا يتم ضياع المواهب، هو عدم وجود فرصة أمام كل الأطفال لولوج عالم الرياضة ،خاصة في القرى والمناطق النائية ، فعلى عكس بعض التلاميذ ممن يقطنون بالمدن الكبرى و  الذين لهم الفرص للاتحاق بالنوداي الرياضية في مختلف الرياضات والمدارس الكروية ،فإن عددا هائلا من التلاميذ القاطنين بمناطق الظل ليسوا محظوظين في ممارسة رياضاتهم المفضلة ،حتى وإن كانت المناطق النائية والأحياء الشعبية هي الخزان الذي أنجب الكثير من الأبطال ، وزيادة على ذلك فإن الكثير من المسؤولين في النوادي الرياضية والمدارس الكروية أضحوا يقطعون الفرصة للانخراط أمام الأطفال المنحدرين من عائلات فقيرة أو مسيروة الحال ،وذلك بفرض اشتراكات سواء كانت سنوية أو شهرية مما يمنع البراءة من المشاركة في النشاطات الرياضية .

الدراسات العلمية تؤكد على ضرورة ممارسة الرياضة في المدارس الابتدائية

ذهبت الكثير من الدراسات والبحوث العلمية الأكاديمية  التي تم إجراؤها داخل الوطن أو خارجه إلى ضرورة العودة إلى الاهتمام بمادة التربية البدنية في المدارس الابتدائية ، وذلك لأسباب صحية محضة وحتى تعليمية تربوية  ،حيث أن العودة إلى تقنين هذه المادة يقي التلاميذ من أمراض السمنة والاكتئاب وأمراض نقص الحركة . هذا زيادة على  وجود ارتباط وثيق بين التحصيل العلمي وممارسة التربية البدنية، مما يدعو إلى إعطاء قيمة كبيرة  لمنهج التربية البدنية ضمن مناهج المدارس  الابتدائية ، حيث  أوضحت الدراسات التي تم القيام بها في دول الخليج إلى  تفوق التلاميذ المشاركين في النوادي الرياضية خارج الإطار المدرسي  على التلاميذ  غير المشاركين ،وذلك  في التحصيل الدراسي والمرونة و سرعة الفهم ،مما يعني وجود علاقة ارتباط  بين  التحصيل الدراسي ومرونة الجسم ،  فممارسة النشاط البدني له آثار إيجابية على وظائف الجسم وتحسن الحالة الصحية والنفسية للتلميذ .

إعداد: ياسين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
P